المقارنة في زمن الحداثة

المقارنة في زمن الحداثة!

المقارنة في زمن الحداثة!

 صوت الإمارات -

المقارنة في زمن الحداثة

عائشة سلطان

لا أميل إلى إجراء المقارنات بين الناس أو الاعتقاد بأن العمر يرجح كفة كبار السن دائما، لأن سنوات العمر - حسب ظن البعض - تمنحهم امتيازات مضمونة كالخبرة والمعرفة والحكمة والنضج وووو الخ، وهو ما لا يتوافر للشباب أو صغار السن، وعليه يعتقد بعض الكبار أنهم في أي مقارنة أو موقف مع الصغار لابد أن يكسبوا هم نقاطاً أكثر، وأن يكونوا هم الأفضل والأنجح والأعلم والأشهر وجميع الصفات على وزن أفعل المبالغة !! والحقيقة أن هذه نصف الحقيقة أو جزء منها، وليست كلها بطبيعة الحال، فالتعميم لا يصح في أي شيء فليس كل الكبار حكماء ولا كل الشباب طائشون أو لا يملكون أدوات المعرفة !

إن الاعتقاد بحكمة الكبار ونضجهم وفهمهم المطلق والدائم اعتقاد غير صحيح دائماً، ومثله التأكيد على ضحالة الصغار وعدم امتلاكهم للحكمة والمعرفة والفهم، فلو أنصتنا لهم جيدا لأمكننا معرفة الكثير فقط لو تبادلنا الأدوار وأعطيناهم فرصة قيادة النقاشات وعرض التجارب، هذا كله لا يعني بالتأكيد أن الآباء والمعلمين أقل حكمة أو معرفة، لكن المقصود هو أننا أحياناً نظلم الشباب حين نجعل العمر حكماً ومقياساً نستخدمه ضدهم على طول الخط!
العلم والخبرة والعلاقات والأسفار والقراءة، وغيرها، تمنح الإنسان ما نسميه في نهاية المطاف مجموعة المعارف ودرجة الوعي التي يتمتع بها، لكن ابناءنا اليوم أتيح لهم من الفرص والإمكانات المادية والثورة التقنية ووسائل التواصل وانفجار المعرفة والإعلام، ما يجعلهم يختصرون الكثير من السنوات ليصلوا للنضج والمعرفة في زمن أقل من ذلك الزمن الذي احتاج إليه آباؤهم ومعلموهم، خاصة في حقول التكنولوجيا ومستلزمات الحياة المعاصرة، لا تنسوا أن الإنسان ابن زمانه وليس ابن أزمنة أهله السابقة!

تبقى منظومة القيم والقضايا الأيديولوجية التي يحتج بها الكبار للتأكيد على افضليتهم على جيل اليوم، وهي مسألة يفصلها الفيلسوف الفرنسي وعالم الاجتماع جيل ليبوفيتسكي الذي يقول في كتابة (أزمنة الحداثة) «إن مجتمع الحداثة الفائقة مجتمع يتميز بالحركة والتدفق والمرونة والاستهلاك بلا حدود: الاستهلاك لأجل المتعة».

فضلاً عن أنه يبتعد عن المبادئ العظيمة التي هيكلت الحداثة أكثر من أي وقت مضى.

وفي حين أن الفرد الفائق الحداثة يجري توجيهه نحو اللذة الدنيوية والمتعة، إلا أنه أيضاً يمتلئ بنوع من الخوف والقلق الذي يتأتى من العيش في عالم ينزلق بعيداً عن التقاليد، ويواجه مستقبلاً غامضاً..

إنهم أفراد أكثر تعليماً وأكثر تدريباً ولكنهم أكثر تحطماً أيضاً.

إنهم بالغون وناضجون ولكنهم غير مستقرين وقلقون.

فضلاً عن أنهم أقل تمسكاً بالأيديولوجيا في الوقت الذي هم فيه أكثر اتباعا لتغيرات الموضة، أكثر انفتاحاً ولكنهم أسهل تأثرا، أكثر انتقادا لكنهم أيضا أكثر سطحية، أكثر شكَّا وأكثر غموضاً. ولم يعد هناك أي نظام إيماني يمكن اللجوء إليه للطمأنينة والسكون». باختصار تلك هي أيام الحداثة الفائقة»!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقارنة في زمن الحداثة المقارنة في زمن الحداثة



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates