عائشة سلطان
فيما يخص الأحداث المتسارعة التي نتابعها كل لحظة عبر شاشات الفضائيات وصفحات الجرائد اليومية، بدءاً بأخبار تنظيم القاعدة، مروراً بثورات ما عرف بالربيع العربي التي دمرت بنية الدول العربية، وانتهاء بهذا المسخ المسمى «داعش»، هل هناك من يستطيع الادعاء بأنه يعرف فعلاً حقيقة ما يجري؟ أو حتى جزءاً من الحقيقة؟ أغلبنا إنْ لم نكن جميعنا نركض حول أوهام تصدرها لنا آلة الإعلام الغربي، ونعيد نحن تدويرها وإضافة بعض المبالغات والتهويلات لا أكثر، هذه الأوهام التي أصبحت تحكمنا وتتحكم بمصيرنا وحياتنا ونفسياتنا وحتى مستقبلنا، كل ما نعرفه هو أن الأحداث تتحرك أمامنا هكذا كبندول الساعة، يميناً ويساراً، بينما عيوننا معلقة به، تذهب معه في حركته، يميناً ويساراً، ولا شيء آخر!
منذ أربع سنوات ونحن في خضم حرب عالمية بكل معنى الكلمة (ومن لا يسمع قرع طبول الحرب العالمية الثالثة في الشرق الأوسط فهو أصم)، هذا القول نسب إلى وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق «هنري كيسنجر»، والحقيقة أنه من المفترض أن يكون العالم أجمع قد سمع قرع تلك الطبول مع ارتطام تلك الطائرات المجنونة بمبانٍ شاهقة في نيويورك عام 2001، ومع أول رد فعل للرئيس الأميركي يومها حين أعلنها حرباً صليبية ضد الإرهاب في الشرق الأوسط، قبل أن يعود ويعتذر عن الوصف بناء على نصيحة مستشاريه خشية التأويلات الدينية التي لن تكون في مصلحة المصالح الأميركية! المهم أننا لكثرة ما تزاحم أمام أعيننا من صور ومقاطع فيديو مخيفة ومصنوعة ومفبركة، ولكثرة ما طمر في مخيالنا العربي والإسلامي من تنظيرات وأفكار حكمت علاقتنا بالغرب، لم نعد نصدق شيئاً مما يعرض وليس في إمكاننا أن نكذب أي شيء في الوقت نفسه، وهذه قمة المأساة في ظل عجز أجهزتنا الإعلامية العربية عن التصدي وكشف الحقيقة، فلا أحد يملك قرار الحرب سوى جنرالات الحرب، ولا أحد يملك مفاتيح ألغاز ما يجري سوى أطراف بعينها، ليس من بينها طرف عربي واحد! حتى هذه اللحظة عرضت علينا عشرات التفسيرات لما يعرف بـ «داعش» و«القاعدة»، وحكاية بن لادن، وحقيقة هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والثورات العربية والتنظيمات المتطرفة و«الإخوان» وعلاقتهم بأميركا ومخططهم التدميري، والسلاح النووي في الشرق الأوسط، وعلاقة أميركا بـ «داعش» وبنظام بشار الأسد، وأسعار البترول و.... إلخ ، عدوا على أصابع اليدين كم تفسيراً قرأتم وكم نظرية قيلت في كل هذا، وعلى الرغم من أن الحرب في وسط فناء البيت العربي، إلا أن العرب لا يعرفون ماذا يحدث وسط بيتهم الذي تآكل وانتهى!
في الواقع، فإن الصهيونية العالمية وخبراء هوليوود ودهاة المخابرات الأميركية ومؤسسات المال الدولية، يتلاعبون بعقولنا طيلة الوقت كالمعتاد!