الشكوى ليست مذلة

الشكوى ليست مذلة!!

الشكوى ليست مذلة!!

 صوت الإمارات -

الشكوى ليست مذلة

عائشة سلطان

لماذا إذا جعنا أسرعنا للطعام وإذا ظمئنا أسرعنا للماء البارد وإذا اشتقنا طرنا خفافا لمن اشتقنا اليهم، بينما إذا حزنا أو تألمت أرواحنا أغضضنا بصائرنا وأشحنا بأنفسنا عن حقيقة آلامنا وجلسنا صامتين على شوك الصبر؟ لأن الصبر سمة النفوس العظيمة ولأنه منجاة من الشماتة ولأنه طريق مضمونة للثواب والأجر والبشارة، ولأننا نربى على مبدأ ابتلاع الأوجاع بصمت على اعتبار أن المصائب والأوجاع طريق إلى السمو والقوة فـ«الضربة التي لا تقتلك تقويك» وما عليك سوى أن تعض على جرحك وتصبر، لكن البكاء والاعتراف بالألم لا يجرحان الإيمان حتما!

ألم نولد وأول أصواتنا التي منحنا وعلمنا إياها الله هو البكاء؟ ألا يتقدم موكب هبوطنا إلى الأرض؟ ألا نولد باكين؟ ألا يصح اعتبار الإنسان كائنا بكاءً، كما قيل دائما انه كائن ناطق وكائن اجتماعي بالفطرة ؟ فهل نطق أولا أم بكى؟ وهل طلب الرفاق والإنس بالناس أولا أم انه بكى؟ نحن نولد بمعية البكاء وليس الضحك ولا المزاح ولا الكلام، ونصير نتكلم أكثر مما نفعل أي شيء آخر فيما بعد لكننا لا نبكي حتى حين يقتضي الأمر أن نفعل ذلك، ألا يبدو الأمر غريبا ؟ أم أن ذلك واحد من تجليات الجهل الإنساني على اعتبار الإنسان «ظلوما جهولا» وأول من ظلم هو نفسه حين حمل الأمانة التي أشفقت الجبال عن أن تحملها!!
يربى الصبي على ألا يتوجع مع أن الشعور بالألم دليل إنسانية وينشأ على ألا يبكى مع أن البكاء تطهير وعلاج ودواء، ويظل كثير من الناس يسمعون عبارة أن البكاء لا يليق بالرجال وبالكبار والأقوياء! لماذا؟ هل يخدش البكاء الرجولة ؟ هل يقلل من الهيبة والاحترام؟ البكاء فعل إنساني غير خادش للحياء، لكن معظمنا يظن العكس، لذلك ينسى الناس البكاء فذا يتذكرونه ألا في أصعب أوقاتهم وأكثرها ضيقا وصدقا أيضا، فيبكون حين يفقدون عزيزا ويبكون حين يودعون حبيبا وحين يغلبهم الألم، بعضهم يبكي بعد أن تخذله الحياه وتنكسر أحلامه وحين يتخلى عنه أقرب الناس وحين تجرح احاسيسه وآدميته، ويبكي كل الناس كثيرا جدا حين يتركون وحيدين كرمح بلا ظل في صحراء الحياة والاحتياج!!

اشارت دراسات طبية وعلمية ونفسية أن البكاء والصراخ والحديث عما نمر به من أزمات أفعال صحية تنجي الإنسان من الوقوع في الألم المضاعف والكآبة والاكتئاب وتحميه من الصمت المرضي ومن الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة كالسرطان، حيث يعمل السكوت وكتمان التعبير عن القهر والألم والظلم على أضعاف جهاز المناعة وجعل المناطق الأكثر حساسية عرضة للإصابة بالمرض خاصة الثدي والرحم عند المرأة والبروتستات عند الرجال!! البكاء ليس علاجاً سحرياً، ولكنه يخفف الضغط النفسي بلا شك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشكوى ليست مذلة الشكوى ليست مذلة



GMT 17:55 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:51 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

هل غادرتنا البركة فتغير الزمن المناخ ؟!

GMT 17:50 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

شفافية في الأرقام

GMT 17:49 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

توحيد المواقف لمواجهة المشروعات المشبوهة

GMT 17:49 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

«الديمقراطية» التي يحلبون سرابها

GMT 17:42 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

اركض وراء الراكضين

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 08:52 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

1.2 مليون زائر لمعرض الشارقة الدولي للكتاب

GMT 23:26 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السودانية هديل أنور بطلة تحدي القراءة العربي

GMT 10:26 2013 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

دار إبداع تصدر الكتاب الساخر "يا صلاة العيد"

GMT 14:26 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

10 أخطاء يجب تجنبها عند اختيار ديكورات المنزل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates