الحالمون في الشرق

الحالمون في الشرق!

الحالمون في الشرق!

 صوت الإمارات -

الحالمون في الشرق

عائشة سلطان

هو ليس عذراً بالتأكيد يمنع الناس من العمل والاجتهاد والحلم أيضا، فطالما بقي الإنسان على قيد الحياة يتنفس ويتحرك ويتواصل ويحظى بفرص تمكنه من الحياة بشكل كريم وجيد فإنه محكوم بالعمل وبالحلم والأمنيات، ينام وبين عينيه حلم ويصحو وفي قلبه أمنية، الظروف الصعبة التي تقع خارج جدران بيته لا تمنعه من ذلك، وأحقاد جيرانه لا تمنعه وصراعات زملائه في العمل لا تمنعه، أو لنقل كل تلك المعوقات موجودة لكنها لم تمنع مجتهدا أو صاحب حلم من التمسك بحلمه والركض به بعيدا بأقصى قوته ليجد في آخر المطاف نهارا أكثر إشراقا وظروفا أكثر مواءمة ليصبح الحلم حقيقة، هذا عندما نتحدث عن قصص نجاح فردية داخل المؤسسات والمجتمعات، لكن هل نقول الكلام نفسه حين نتحدث عن إقليم بأكمله، جغرافيا طويلة عريضة تعج بالدول والمدن وملايين الناس؟ هل يمكن لشاب في مدينة تقع في الشرق الأوسط الملتهب والمتوتر أن يحلم ويمضي وكأن شيئا لم يكن بينما مدن بأكملها تدمر قريبا من حدوده وشعوب بأكملها تشرد وتباد أمام عينيه؟ يتساءل مهاجر سوري وجد فرصة نجاة وحياة ثانية بعد أن فقد كل أسرته ولم تبق له سوى طفلته الوحيدة الناجية، هل سيأتي يوم وأعود إلى حلب، إلى بيتي وحارتي ودكاني؟ لكن كيف؟ فلا بيتي عاد موجودا ولا حارتي ولا دكاني ولاجيراني ولا أولادي ولا زوجتي، كل شيء ذهب إلى غير رجعة، «هناك أمل».. يقول له شاب نرويجي ساعده وبسببه جمع مبلغا كبيرا سيعينه لبدء حياة جديدة ! (إيه في أمل) هذه أغنية لفيروز يقول المهاجر، لكن لا أغاني في حياة مشرد مثلي ! سأحاول أن أعود لنقطة الصفر وأبيع الأقلام كما كنت في المخيم، وستكبر ابنتي في النرويج، ستتحدث لغة ليست لغتها وستلعب مع أطفال ليسوا من بلدها، وسأخاف عليها، لكن ماذا أمامي غير ذلك، غير تشكيل أمل من نوع آخر وفي أرض أخرى وتحت سماء ليست سمائي؟ أتصفح جريدة فأجد شبابا وشابات من مدينة دبي يتحركون في فضاء واسع من حرية الإبداع في مجالات عملهم في تصميم الأثاث والحدائق والثياب، يقتبسون من تراث أهلهم ويتنفسون بملء رئاتهم هواء لا علاقة له بذلك الملوث بالبارود والأدخنة في مدن الاحترابات والفوضى، هنا حكومة توسع الأفق أمام الشباب، تمنحهم الفرص، تعطيهم المجال والتشجيع والإمكانيات ليخرجوا ما لديهم، هذا جميل ورائع وهم يبدعون فعلا، منذ عشرة أعوام أو خمسة عشر عاما لم تكن لدينا هذه التوجهات الشابة، هذا التوجه الإبداعي حصل لأن هناك بيئة مساعدة وحكومة تبذل كل ما في وسعها، لكنني دوما أتساءل: كيف يمكننا أن نبدع ونتباهى بإنجازاتنا ونجاحاتنا الرائعة بينما طبول الحرب تقرع حولنا والجثث تتساقط بعدمية مقيتة؟! كيف يمكننا أن نوقف ذلك؟ كيف نبدع مشاريع عملاقة لاستتباب السلام في منطقتنا وفرض ثقافة الحياة لنستمتع جميعا بمانحققه؟ كيف؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحالمون في الشرق الحالمون في الشرق



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates