اعترافاً بالخوف

اعترافاً بالخوف !

اعترافاً بالخوف !

 صوت الإمارات -

اعترافاً بالخوف

عائشة سلطان

في أحيان كثيرة تتفاجأ بأنك لا تفكر في الأشياء نفسها التي يفكر بها الآخرون، تقول لنفسك: ذلك أمر طبيعي لا يجب أن يثير قلقي تجاه صحتي النفسية أبداً، فأنا شخص طبيعي لكنّ الناس مختلفون دائماً، وهكذا سيبقون، لكن الأكثر إثارة حين تكتشف بعضاً من أكثر أسرار أفراد عائلتك أو أصدقائك خصوصية، وهنا فإن السفر يعتبر فرصة اكتشاف جيدة لتلك الأسرار التي تدفعك للقهقهة أو لبعض الحماقات أحياناً، أنت حتماً لم تتصور يوماً أن صديقك ظل لسنوات يعاني من خوف الطيران أو أن شقيقك يعاني خوف المرتفعات ، ولولا المصادفة كنت قضيت عمرك من دون أن تعلم بذلك، تكتشف مع توالي أسفارك أن ثلث من تعرفهم مصابون بأحد أشكال الخوف من شيء ما، وتعرف أن معظم الرجال يعتقدون أن التعبير عن الخوف أو إظهاره أمام الآخرين يخدش فكرة الرجولة الحقة، كما أن الاعتراف بالخوف غير وارد لدى معظمنا من الأساس!

كنت في سفر مع عائلتي منذ سنوات عدة، وقد قررنا أن نقود سيارتنا إلى منطقة جبلية عالية، احتجنا إلى زمن طويل، وسير حذر بالسيارة، لنكمل مغامرتنا، الذين لا يعرفون الخوف المضاعف نجوا من ذلك الشعور المسيطر بالتوجس والقلق، أتذكر يومها أنني اكتشفت للمرة الأولى في حياتي أن عدداً من أفراد عائلتي مصابون بالخوف من الأماكن المرتفعة، فقد جمد بعضهم، وتلاحقت أنفاسهم بشكل مقلق، تساءلت عندها كيف يمكن لشخص لم يعش في منطقة مرتفعة، ولم ير الجبال أصلاً، أن يخاف منها، هل هذا الخوف حقيقي أم أنه شيء من الوهم وهلوسات الدماغ الذي يمسك بالإنسان، فيقوده بهذيان متصاعد حتى يصل به إلى السؤال: ماذا لو سقطت من أعلى الجبل ؟ تماماً كما يتساءل المصاب بخوف الطيران: ماذا لو سقطت الطائرة ؟

كانت والدتي تحكي لنا عن الطريق المؤدية إلى منطقة «خصب» وراس مسندم باتجاه عُمان، تلك المنطقة الجبلية الوعرة التي تم تمهيدها وشق الطرقات الآمنة فيها، كانت تصف الشارع بأنه بعرض أصابع اليد، وأن أي حركة غير محسوبة ستلقي بسائق أي سيارة إلى البحر، متدحرجاً من أعلى ذلك الجرف الصخري، فكنت كلما جاء ذكر ذلك الطريق أصاب بضيق في التنفس، إلى أن قطعت ذلك الشارع بنفسي، فإذا به طريق آمن والقيادة عليه ممتعة، كما أن منظر البحر الممتد أمامك لا يحيلك لأي نوع من الخوف، شفيت يومها من ذلك الخوف، وأدركت أن معظم مخاوفنا ليست سوى أوهام متراكمة محبوسة في عقلنا الباطن، بحسب ما يتخيل هذا العقل، وأحياناً بحسب ما نرثه من أهلنا، إن لكل منا فكرته الخاصة عن كل شيء، وعلاقتنا بالواقع تنحت في تلك الفكرة، لتبلورها حسب خبراتنا !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافاً بالخوف اعترافاً بالخوف



GMT 20:13 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 20:12 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 20:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 20:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 20:10 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 20:09 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

GMT 20:09 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الحرب على غزة وخطة اليوم التالي

GMT 20:08 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

نحن نريد «سايكس ــ بيكو»

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates