بقلم : عائشة سلطان
في تجمّع حزبي عام 2014، تعرضت السيدة إلهان عمر، الأميركية من أصول صومالية، للضرب من أشخاص مجهولين بسبب حجابها وبشرتها السمراء، وهي التي كانت تتولى إدارة الحملة الانتخابية لسياسيين كبار لعضوية مجلس الشيوخ، إلا أن ذلك لم يجعلها تخاف أو تتراجع أبداً، بل منحها المزيد من الإصرار على الاستمرار، لكن إلى أين؟
إلهان عمر الفتاة التي وُلدت في الصومال عام 1982، ثم وبسبب اشتعال الحرب في بلدها عام 1991، لجأت مع أسرتها إلى كينيا، وهي طفلة في التاسعة من عمرها، لكن الحياة في مخيمات اللاجئين البائسة لم تبدُ حلماً يمكن الاستمرار فيه، ما قاد خطى العائلة إلى الولايات المتحدة عام 1995، وهناك تعلمت إلهان الإنجليزية بسهولة، واجتازت مراحل الدراسة كلها بنجاح حتى حازت درجة البكالوريوس في العلوم السياسية ودرجة أخرى في الدراسات الدولية من جامعة نورث داكوتا، ليصبح الطريق ميسراً أكثر مما تخيلت ذات يوم وهي تقف على أبواب إحدى خيام اللجوء في كينيا.
إلهان عمر، هي نفسها التي ستتصدر صورتها غلاف مجلة «تايم» الأميركية بعد قدومها إلى الولايات المتحدة بعشرين عاماً تقريباً، وبلباس إسلامي أنيق ومحتشم وبحجابها الأبيض وملامحها الرقيقة، بعد أن تمكنت منذ يومين من تحقيق انتصار تاريخي في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بولاية مينيسوتا، على حساب خمسة مرشحين، من بينهم رئيس مجلس نواب الولاية، من دون أن يتوقف حلمها عند هذا الحد، فهي تحلم بأن تكون أول امرأة أميركية مسلمة ومحجبة تخدم في الكونغرس، ومعها مجموعة من المسلمات من أبناء المهاجرين.
وطالما هناك وقت تتنفس فيه، أينما كنت، فهذا يعني أنه لا يزال للحلم مكان، في الولايات المتحدة وغير الولايات المتحدة، فكم تحدث عرب وغير عرب عن تحوّل حياتهم وتحقيق أحلامهم في بلدان ليست بلدانهم، بالأمس كنت أستمع إلى سيدة مصرية تتحدث بامتنان عن الإمارات التي أتاحت لها تحقيق أحلامها ومثلها مئات من النساء والرجال من كل الأوطان.
إن بعض البيئات تحتضن الأحلام بشكل حميم جداً، فقط الوقت الذي يضربك فيه مواطنك الذي تتشارك معه الانتماء، يحميك قانون البلد نفسه من هذا المواطن ويحفظ لك حق الحلم، إذاً فافعل كما أوصاك درويشنا الجميل ذات يوم: «قف على ناصية الحلم وقاتل»! وتذكر أن ما أنت فيه اليوم هو نتيجة قراراتك أولاً، لا نتيجة ظروفك كما تعتقد.
المصدر : جريدة البيان
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع