وتعطلت لغة الكلام

وتعطلت لغة الكلام!

وتعطلت لغة الكلام!

 صوت الإمارات -

وتعطلت لغة الكلام

بقلم : عائشة سلطان

«أنا مغتاظٌ من كتاباتي، أنا مثلُ عازف كمان أُذنه ممتازة، لكن إصبعه تأبى إعادة إنتاج الصوت الذي يسمعه داخله»، تُنسب هذه العبارة إلى غوستاف فلوبير، الكاتب والروائي الفرنسي المعروف، الذي اشتهر بروايته الذائعة الصيت «مدام بوفاري»، التي قرأها معظمنا في سنوات المراهقة.

يعتبر فلوبير مثلاً أعلى للكاتب الموضوعي، الذي يكتب بأسلوب دقيق، ويختار اللفظ المناسب والعبارة الملائمة، ويدقق كثيراً قبل أن يكتب جملته الأدبية تماماً كما يدقق العازف قبل أن يعزف جملته الموسيقية، فكلاهما يعتبران ما يقدمانه للناس عزفاً جميلاً نابعاً من أعماقهما، تلتقطه أذنهما وتخطّه أيديهما، هكذا حينما يكون المبدع صادقاً مع ذاته، ومع جمهوره، ومع جملته الإبداعية، فلا يكتب إلا ما يشعر به، وإن كتب فلا يأخذه الزهو كثيراً بما يكتب أو يعزف، قبل أن يسمع ويقيّم ويقدّر رأي الناس، ويكون موضوعياً بل وقاسياً في الحكم على ما يقدّم، لأن أول أسباب التراخي هو يقين الكاتب أو الفنان أن لا شيء أجمل وأعظم مما يقدمه!

يكتب أحدهم قصة أو رواية أو قصيدة، فلا يترك منبراً أو قسماً ثقافياً أو مجموعة من الأصحاب والصحفيين والنقاد إلا ويوزعها عليهم، طالباً رأيهم وبادئاً بالأصدقاء، يقول له معظم هؤلاء كلاماً عاماً، ساذجاً، ومسطحاً، من قبيل: إلى الأمام، جميل ما كتبت، بالتوفيق، رائع، وهكذا، كل هذا لا يعتبر رأياً، إنه مجاملات تشبه قولنا لعائد من السفر: «كانت البلاد ظلاماً فاستنارت بقدومك»، مجاملة لطيفة قد لا تفيد، لكنها لا تضر في الوقت نفسه! وأما الرأي فشيء مختلف وبعيد عن ذلك تماماً، الرأي إن لم يقترب من النقد المنهجي الموضوعي فإنه لا يبتعد عنه، بحيث يجب أن يتناول أصالة الفكرة، وجمال اللغة، والأسلوب، والتراكيب، وسلاسة النص أو العمل.. إلخ!

لكن لماذا يتجنب الناس إبداء رأي منهجي بشكل عام؟ أظن أن الأمر يعود لسببين: الجهل بمعايير النقد المنهجي الموضوعي، والحرج الذي يشعر به الأصدقاء والنقاء إزاء الكاتب الذي قد تربطهم به علاقة زمالة أو صداقة، لذا يفضّلون تضليله و«الطبطبة» عليه بدل أن يصدموه برأي قد يكون قاسياً، فيغضب ويشن حملة عليهم باعتبارهم أعداء النجاح وأعداء الإبداع، وأنهم حقودون و.. و.. و.. إلخ، لهذا فقد تعطل النقد وتعطلت لغة الكلام!

المصدر : جريدة البيان

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وتعطلت لغة الكلام وتعطلت لغة الكلام



GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

العودة للمدارس

GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

هلا.. بالمدارس

GMT 13:45 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

لأمهات الشهداء.. ألف.. ألف تحية

GMT 13:44 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

وقل "ليتني شمعة في الظلام"!

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates