كلٌ يبحث عما يعنيه

كلٌ يبحث عما يعنيه

كلٌ يبحث عما يعنيه

 صوت الإمارات -

كلٌ يبحث عما يعنيه

بقلم : عائشة سلطان

أجلس في مطعم أنيق يقدّم الأسماك والمأكولات البحرية ويطل على مياه البسفور، يبدو المشهد باهياً ومغرياً جداً بأن تمدّد إقامتك، لقد وصلت منذ عدة أيام، وتنقلت بين عدة أمكنة نسميها سياحية بيننا، هي أمكنة الحياة في اعتياديتها السادرة منذ أزمنة بعيدة في مثل هذه المدن، حيث لا ينظر أهلها إلى أسواقهم القديمة وأحيائهم التقليدية ذات الأنماط المعمارية التقليدية التي ما عادت دارجة هذه الأيام، أو مساجدهم التي يرتادونها، أو حتى قصور أسلافهم، على أنها أماكن مختلفة تستدعي التوقف عندها أو زيارتها أو التعامل معها بدهشة مستحقة.

إنهم يمرون عليها مرور الكرام وأحياناً دون أن ينتبهوا لمكانتها التي يعاملها بها الآخرون، ذلك أن علاقة الإنسان بما يحيطه ويحيط به محكومة غالباً بقوانين منطقية وفيزيائية، وأن قانون الاعتياد أو الإلغاء بالتعود هو أحد أهم هذه القوانين.

فحتى المعجزات والمنجزات والأيقونات والرموز تتحول مع الأيام إلى أشياء عادية لا تلفت انتباه أحد، دون أن يعني ذلك إنكاراً لأهميتها أو مكانتها، لكنه ذلك التعوّد الذي يجعل الرجل يتعامل مع زوجته بعادية تامة، بينما يحتفي بها الآخرون أيما احتفاء بحيث يكونون مستعدين لعمل أي شيء يمكن أن يرضيها، وإلى الدرجة التي تثير استغراب الزوج والزوجة معاً.

قد تعني الأهرام الشيء العظيم للإنسان المصري، وقد تعني ساحة كنيسة القديس بطرس في الفاتيكان الكثير للإيطالي، وإن برج إيفل معلم تُشدّ إليه الرحال من آخر الدنيا، لكن كل هذه المعالم، وغيرها كثير جداً، لا تستدعي كل هذه التضحيات بالنسبة إلى مواطنين يسعون في سبيل أرزاقهم وينظرون إلى حكوماتهم بعدم الرضا.

أحياناً تحاول أن تسترق السمع لأحاديث الناس في هذه المدن التي تزورها لتعرف ما الذي يشكّل صلب أحاديثهم وبالتالي اهتماماتهم، فإذا حالفك الحظ وكنت ممن يجيدون لغة أهلها أو كانوا يتحدثون الإنجليزية مثلاً، فإنك ستفاجأ أنه لا أحد معنياً بما جئت لأجله، لا المتاحف، ولا القصور، ولا فريق كرة القدم، ولا أسعار الفنادق، ولا جودة الطعام في ذلك المطعم الأنيق، ولا الإرهاب الذي يضرب العالم، ولا الفساد المتغلغل في بغداد، أو النفايات في لبنان، أو حفلات الغناء في قرطاج، أو أسعار البورصة في دبي، قد يتحدث جارك في الطاولة عن مشكلة تؤرّقه فعلاً تتمثل في تدني الرواتب مثلاً، أو ارتفاع أقساط الجامعات أو الضريبة الجديدة التي فرضتها الحكومة على الناس أو.. أو..

الناس يهتمون بالحديث عمّا يخصّهم، وما له علاقة بأمور معيشتهم، النساء يتحدثن عن أمور البيت ومشكلات الوظيفة، والرجال يتحدثون عن المال والنساء غالباً، والطلاب يتحدثون عن آخر الموبايلات والألعاب الإلكترونية، والطالبات عن آخر الموديلات والممثلين الوسيمين.

المصدر : جريدة البيان

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلٌ يبحث عما يعنيه كلٌ يبحث عما يعنيه



GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

العودة للمدارس

GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

هلا.. بالمدارس

GMT 13:45 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

لأمهات الشهداء.. ألف.. ألف تحية

GMT 13:44 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

وقل "ليتني شمعة في الظلام"!

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 14:38 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 18:45 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 11:33 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 16:51 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

اضيفي اجواءًا جريئة ومشرقة على جدران المنزل

GMT 20:37 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

مطعم ياباني يقدم وجبات لحوم البشر بـ 20 ألف جنيه

GMT 17:53 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

ندوة لمناقشة رواية "منتصر" في مكتبة "البلد"

GMT 04:12 2020 السبت ,09 أيار / مايو

برشلونة يقترب من حسم صفقة نجم يوفنتوس

GMT 11:39 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كيت ميدلتون توضح تفاصيل اللقاء الأول مع الأمير وليام

GMT 04:07 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

انتقادات قوية لرئيس بريشيا الإيطالي بسبب بالوتيلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates