بقلم - عائشة سلطان
مرّ اليوم الأول، من عيد الفطر الأول الذي قضاه أغلب المسلمين في منازلهم، مستسلمين لإكراهات «كورونا»، ومستجيبين لإجراءات العزل والحجر والقوانين الوقائية، هذا اليوم الذي فكروا فيه طويلاً كيف سيكون؟ وقلّبوه في رؤوسهم: كيف سيقضونه وحيدين معظم أوقاتهم، منفيين عن لمة العائلة، وموائد اللقاءات المعتادة.. فتأففوا، وقالوا كثيراً وتمنّوا ودعوا ربهم كثيراً.
وجاء أول أيام العيد، لم تضج غرف المنازل بالأصوات، ولم تمدّ البسط كما المعتاد، لكن المباخر عبقت بالطيب، وزجاجات العطر فتحت في كل الغرف، واحتفى كلّ على طريقته بالعيد منفرداً أو مع أهله، فإرادة الفرح أقوى دائماً، وإذا بأول نهارات العيد يمرّ ويعبر ثقوب الأمكنة وجدران المنازل وشاشات الكمبيوتر وسماعات الهواتف، ويمضي على خير وسلام، الإنسان يعتاد سريعاً ويروّض كل شيء على طريقته!
نهض الكثيرون بالأمس باكراً على ما جرت عليه عادتهم كل عيد، استقبلوا فجره، واستحضروا حكمته التي حدثهم أهلهم عنها، فعقدوا العزم على ألا يتركوا شيئاً من صغائر الأمور يبعثر مزاجهم، بينما اندسّ كثيرون في أغطيتهم، لم يغادروها إلا متأخرين، ففوّتوا على أنفسهم بعض أفراح ولقاءات ودعوات كانت على مرمى كلمة.
صديقتي تقول إنها مع إطلالة كل يوم تنهض فيه من النوم، تشكر الله لأنها لا تزال على لائحة الحياة، تلك المعجزة التي تنتظرها كل صباح، فتنهض لتسجل في دفتر صغير أول فكرة أو هاجس أو سؤال يتبادر لذهنها بمجرد أن امتلأت عيناها بضوء الغرفة.
صباح أول أيام العيد نهضت على سؤال: كيف سيكون عيدنا الكبير بعد أكثر من شهرين من الآن؟ كتبت السؤال، وقالت لنفسها: سيكون أجمل بإذن الله، بينما كانت تتسلل إلى غرفتها روائح طيب وبخور وعيد.