بقلم - عائشة سلطان
يقول القاص الروسي الشهير (انطون تشيخوف) «عليك أن تعلم علم اليقين، بأن المرء يخوض صراعاً بينه وبين نفسه كل يوم مع ألف هم وألف حزن ومئة ضعف ليخرج أمامك بكل هذا الثبات».
وهي عبارة تختصر مأزق الإنسان الوجودي في هذه الحياة، وصراعه اليومي مع الظروف والنوازع والضعف والتحديات واليأس، وألف هم وضعف من جملة ما يحيط به، وقد يصرعه أحياناً أو ينجو منه أحياناً أخرى، لكنه في كل ذلك يحتاج لطاقة جبارة ليقدر على عبور نهر الحياة يومياً من ضفته، حيث يقبع إلى الضفة الأخرى، حيث يذهب ليكابد ويشقى ويقاوم ليعيش!
إننا نغادر سكينة منازلنا إلى حيث نلج حقول الصراعات والعلاقات وتدافعات الحياة، لأن ما نحتاجه وما يحقق لنا رغداً أو حتى كفاف العيش، لا يمكنه أن يتحقق في ظلال الراحة والبعد والعزلة.
ما نريده يبدو صعباً في أحيان كثيرة ولن يكون بين أيدينا لأننا طيبون ونستحق، أو لأن قلوبنا نقية ولدينا شهادات علمية جيدة، وتعبنا كثيراً لنستحق حياتنا، لا ليست هذه معايير كافية ليتحقق لنا ما نريده، لا بد من السعي والمجاهدة، ولا بد من الخروج بجدية، وتحديد الوجهة بدقة، وشحذ الكثير من الطاقة المعينة على المضي، ولا بأس بارتداء الدروع والأقنعة!
في روايته (الخيميائي) يؤكد باولو كويللو على ضرورة الإيمان بهدف، ونؤكد بعد كل هذا العمر على أن الإيمان بالهدف أحياناً قد لا يفيد ما لم تكن مسلحاً بأدوات قوة كثيرة بحسب الساحة التي أنت ذاهب لتصارع الحياة فيها، الحقيقة أن في الساحات متسع للجميع، لكن الحياة في النهاية ليست بالدفء الذي نتخيله أو تصورناه يوماً.
صحيح أنها حققت وما زالت تحقق أحلاماً مستحيلة آمن بها أصحابها، لكنها في الوقت نفسه سرقت أحلام الكثيرين أيضاً، لذلك من المهم أن نعرف جيداً معادلة الأرض التي نحرثها والحقول التي نشتغل فيها.