بقلم - عائشة سلطان
هناك صور حكمت الذاكرة لعقود طويلة ولا زالت تسيطر على أجيال مختلفة، لقد عبرت تلك الصور عن اتجاهات وأيديولوجيات وأفكار تلك الأجيال حتى اليوم ربما، كما كونت أفكارهم وثقافتهم لسنين متعاقبة، لذلك نستطيع استحضار ملامح جيل وحقبة كاملة عبر النظر لتلك الصور: كصورة المغني جون لينون مثلاً، واغتيال جون كينيدي، وكصورة عبد الناصر والثائر تشي جيفارا، ونجمة الإغراء مارلين مونرو، وصورة الأطفال الهاربين من قنابل النابالم في فيتنام وغيرها!
لذلك فالاحتفاء بالصورة سببه هو ذلك الأثر الذي تتركه الصورة، إنه الأثر الذي يحول البعض إلى أيقونات والأحداث إلى محطات تاريخية بسبب الطريقة التي تعرض بها الصور الأحداث والرموز.. الصور يمكن أن تقلب حياة البعض رأساً على عقب أيضاً!
إن الصورة رسالة مهمة وخطيرة جداً، لا تقل عن الخبر المكتوب إن لم تكن تفوقه في الأهمية أحياناً، وقد تقود الصورة وحدها لمواقف، وقد تقود لشحن الرأي العام مع أو ضد حزب أو توجه سياسي معين، نحن لا زلنا نتذكر الصورة الشهيرة للطفلة الفيتنامية التي تركض عارية بسبب قنابل النابالم التي استخدمها الجيش الأمريكي أثناء غزو فيتنام، وكم لعبت تلك الصورة، مع صور نعوش القتلى التي كانت تعود من فيتنام، دورها في شحن الرأي العام الأمريكي والعالمي ضد الحرب وقادت لإيقافها.
لذلك ففي قوانين الشرف الصحفي هناك مواد كثيرة تتعلق باستخدام الصورة وعدم التلاعب بها، تلك جريمة شرف صحفية يترتب عليها عقوبة حقيقية.
الصورة أكثر سطوة، وأكثر تأثيراً وأبلغ في إيصال الرسالة؛ لأنها تتمتع بجملة خصائص تجعلها حين تظهر أو تعرض أمامنا تشبه انطلاق الرصاصة بسرعة الضوء واستقرارها في اللحم مباشرة، في عمق الضمير والوعي وفي لحم الواقع الذي تفضحه! تسحب الصورة التي تقدم قضية أو فكرة محددة كل آليات الممانعة والرفض من العقل، لتأخذ الناظر سريعاً إلى الهدف الذي تريد إيصاله له، فلا يستطيع سوى أن يصادق على فكرتها!