منازل الذاكرة

منازل الذاكرة

منازل الذاكرة

 صوت الإمارات -

منازل الذاكرة

عائشة سلطان
بقلم - عائشة سلطان

قالت لي صديقتي منذ سنوات طويلة عندما انتقلنا إلى منزلنا الجديد: «البيوت لا تصير منازل حتى نسكنها، قبل ذلك هي مجرد أمكنة لا تعنينا»، يومها كنت أقول لها إنني أشتاق لبيتنا القديم وأريد العودة إليه، وإنني لم آلف هذا البيت بعد، يومها طرف في ذاكرتي بيت أبي تمام الشهير:

كم منزلٍ في الأرض يألفُه الفتى

                   وحنينُــه أبــداً لأوّلِ منــــزل

الحنين إذاً، هو البصمة الوراثية للذاكرة الإنسانية، هو ما يميزنا عن بقية المخلوقات، وما يجعل للعلاقات سجلاً وللأمكنة تاريخاً، وللذكريات حافظة ممتلئة بالوجوه والأصوات والألوان والأسماء والمناسبات والحوادث، ولذلك سيظل ذلك البيت يعن في الذاكرة ما حيينا، ويتململ فينا كجرح أو كأمنية أينما توجهنا؛ لأنه عقد اتفاقاً مع أيام وفواصل لا تمحى في سيرتنا الخاصة.

يربط ذلك الاتفاق برباط لا ينسى بيننا وبين إنسان قريب جداً، أو بتفصيل أو حدث أو شعور عشناه للمرة الأولى ولن يتكرر، فنحن لا نولد مرتين ولا ننسى طعم ألم الموت الأول أبداً، لذلك لا ننسى البيت الذي ولدنا فيه، فحفظ صرختنا ورائحة ولادتنا، أو ولوجنا الأول لعالم المدرسة الذي مر من بوابته الخشبية الصغيرة، وهناك في أحد جوانبه، حيث زلَّت بنا قدم تتهجى خطواتها الأولى فارتطم رأسنا الصغير بطرف حاد ترك جرحاً في أعلى الحاجب الأيمن لا نزال نستشعره كلما تحسسنا ذلك المكان، وفي بيتنا الأول عرفنا فرحة أن يكون لنا أخ للمرة الأولى، عندما استقبل ذلك البيت المولود الثاني في العائلة.

ومازلت كلما تناولنا وجبة كانت تعدها جدتي، تضج تلك الرائحة القديمة وتعبق مخيلتي بروائح مطبخها ووصفاتها الشهية، وأجدني مقبلة من جهة البحر ظهراً، أركض صوب البيت، يستوقفني شيخ طاعن في السن، أعرفه جيداً، يناديني باسمي فأقف، يسألني: ماذا طبخت جدتك اليوم.. أضحك، وأقول: أنت تعرف، فالرائحة تملأ الحي، يبتسم ويقول: قولي لها أن ترسل لي قليلاً من طبخها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منازل الذاكرة منازل الذاكرة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates