في مكابدة الفقد

في مكابدة الفقد!

في مكابدة الفقد!

 صوت الإمارات -

في مكابدة الفقد

بقلم - عائشة سلطان

في عام 1991، أصيبت الشابة باولا بأعراض مرض خطر أدخلها غيبوبة لم تعد منها أبداً، لكنها انتهت بوفاتها بعد عام، كانت والدتها ترابط كل يوم عند باب قسم العناية المركزة، تعاني آلام أم عاجزة تماماً عن أن تقدّم لابنتها أي مساعدة تنقذها من ذلك الثقب الأسود الذي تشعر به يبتلع ابنتها بشكل نهائي!

ومع ذلك، كانت إيزابيل الليندي، الروائية الكبيرة، تصحو فجر كل يوم تعد قهوتها وتكابد طريقاً معبداً بالثلوج والبرد، لتصل إلى ذلك الباب الذي ترقد خلفه ابنتها، لتجلس في وحدة تامة مع آلامها، تجدل قماشة الفقد خيطاً خيطاً، وتتذكر الأيام التي عبَرتها مذ كانت هي طفلة تتدرب على فقد جدَّتها وجدِّها، ثم رحيل والدها ومعاناة والدتها، كانت تمرِّر الساعات حتى منتصف الليل بتقليب ذاكرتها وبالكتابة لباولا، لتقرأ إذا ما صحت ذات يوم!

إلا أن باولا رحلت، ثم جاء الثامن من يناير، وكان على إيزابيل أن تذهب إلى معتزلها الاختياري لتبدأ كتابة عمل جديد كما اعتادت كل عام، وفي هذا التاريخ تحديداً، علمت أنها إن لم تكتب في ذلك اليوم، فإنها لن تشفى ولن تكتب أبداً، لذلك جمعت شتات ذاكرتها وجلست إلى مكتبها، ذلك المكتب الأسطوري الذي ورِثَتْه من والدتها، وأتت به من تشيلي في رحلة الهجرة إلى كاليفورنيا، وكتبت «باولا»!

كما هي عادتها، تنهل إيزابيل الليندي من معين تاريخ لا ينضب، من تفاصيل شخصيات تفاخر بالانتساب إليها، وبأن دماءها الحارة تجري في عروقها، من هذه الشخصيات صنعت أبطال روايتها: جدَّتها وجدّها وأخوالها ووالدتها، والرجال الذين حاموا حولها عشاقاً وطلاب زواج، إلا أن شخصية جدتها كانت الأكثر تأثيراً فيها، وهي بذلك لا تختلف عن كبار الكُتَّاب الذين كتبوا عن طفولتهم التي شكلت الجدَّة الشخصية المحورية فيها، لعل أشهرهم الروائي الروسي مكسيم غوركي!

إن أموراً كثيرة مما كتبته عن جدَّتها قد اخترعته بنفسها، تقول إيزابيل: «نفعل ذلك لأننا جميعاً بحاجة إلى جدة». الجدة التي أوحت لها بالشخصية الأحب إليها بين كل الشخصيات التي اخترعتها، شخصية (كلارا) في رواية «بيت الأرواح».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مكابدة الفقد في مكابدة الفقد



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates