بقلم - عائشة سلطان
يقال إن كل شخص يضمر في داخله شعوراً بالإهانة أو التحقير أو النبذ وفقدان الأهمية نتيجة التعرض المستمر للتعدي المتعمد عليه، جسدياً ولفظياً، والذي غالباً ما حصل في طفولته المبكرة، هذا الشخص لا يمكن أن نتوقع منه سلوكاً سوياً إذا ما تقدم به العمر، كما أن سعيه للمكانة الاجتماعية لا بد أن يمر عبر طريقين: الخلاص من ذلك الإرث المضمر في داخله، إثبات التفوق بالتنمّر على الآخرين.
هذا الشخص الذي نتحدث عنه كمثال يقوم بدورين: المتنمّر عليه، والذي سيصبح لاحقاً شخصاً متنمّراً على غيره رغبة في الخلاص من عقد التنمّر، ومن هنا نعلم أن هؤلاء الطلاب الذين يجدون ضالتهم في طالب خجول أو لديه إعاقة ما، فيترصدونه بالتحرش aوالإهانات، هؤلاء في الحقيقة إن لم يكونوا يتباهون بتفوقهم على هذا الطالب المسكين، فهم ممن تم التنمّر عليهم في فترات سابقة.
جميعنا كنا طلاباً في المدارس وقد عايشنا هذه الظاهرة، وإن لم تكن معروفة بهذا الاسم، إلا أننا في معظمنا قد تنمّرنا على زملاء لنا أو تم التنمّر علينا، فأضمرنا ذلك في دواخلنا كأشياء أخرى كثيرة لم نبح بها لأمهاتنا أو آبائنا، خجلاً أو خوفاً، أو لسبب لا نعلمه، لذلك آثرنا الصمت في تلك الأيام البعيدة طلباً للسلامة!
إن ظاهرة التنمّر في الحقيقة تفتح نقاشاً واسعاً حول العلاقات الأسرية (الأبوية تحديداً)، والانتباه لكل ما قد يقال أو يقذف به في وجوه الصغار دون تنبّه، فالأطفال يسكتون لأنهم لا يستطيعون مجابهة نفوذ الوالدين والإخوة الكبار والأعمام والخالات والعمات حين يوجهون لهم ألفاظاً مهينة ربما، لكنهم يحتفظون بكل ذلك في لاوعيهم، والذي سيظهر لاحقاً مسبباً إشكالات نفسية ليست سهلة، بل قد تصل حد الجريمة.