بقلم - عائشة سلطان
انتشرت في بعض بلدان أوروبا، عيادات لعلاج المدمنين على الإنترنت والهواتف الذكية، ففي السنوات الأخيرة أصبح العالم كله مهدداً بتنامي سطوة الثورة التقنية ووسائل الاتصالات المتقدمة.
تعرض هذه العيادات برامج لعلاج المدمنين على الهواتف ومواقع التواصل، ما يعني أنها استجابة طبيعية لحاجة مجتمعية تجد في توغل التقنية ووسائل التواصل في حياة الأفراد تهديداً مباشراً وصريحاً بحاجة لعلاج وخاصة بعد الحديث عالي النبرة عن الآثار الصحية المدمرة لهذه الأجهزة والتقنيات.
إن اعتراف المجتمعات الغربية بحاجتها الماسة لإعادة ضبط وتعديل السلوك الإنساني الاجتماعي، وعودة الحياة للعلاقات الطبيعية، إضافة لإعادة الاعتبار لثقافة القراءة، وعدم المساس بمستوى إنتاجية العمل، هو ما دفع لوجود هذه العيادات، وكما نعلم فالاعتراف بوجود المشكلة خطوة أولى لعلاجها. حين تحدثت مع بعض الأشخاص حول الأمر علق أحدهم بثقة مفرطة (نحن كمسلمين وكعرب، لا نعاني مثلما يعانون هم في الغرب من ضعف المشاعر وانهيار نظام العلاقات الإنسانية بسبب مادية وفردية المجتمع عندهم!).
إن توزيع التهم وفكرة أبلسة الآخر في مقابل أننا الأفضل دائماً، هو أحد أكبر معوقات التغيير وعلاج الخلل إن وجد.
ولنكن موضوعيين علينا أن نحذر توزيع التهم، فإدمان الهواتف النقالة ومواقع التواصل لا يقتصر على الشباب أو الأطفال والمراهقين في بلد بعينه، فحتى أولئك الآباء والأمهات الذين يقدمون النصائح لأبنائهم بالابتعاد عن الإنترنت، وأولئك الكتاب والصحفيون الذين يكتبون حول التهديدات الثقافية والاجتماعية لإدمان الإنترنت، وأساتذة الجامعات والأطباء والمعلمون وغيرهم، الجميع متورط في ما يمكن تسميته إدمان العصر، وعليه فكلنا بحاجة لتلك العيادات! لدينا في عالمنا العربي إشكاليات عديدة في علاقاتنا الاجتماعية كغيرنا من شعوب الأرض، وعلينا أن نعترف بها كما يعترف الآخرون، لأن الاعتراف يحل المشكلة أما الإنكار فيعقد المشكلات ويفاقمها أكثر!