بقلم - عائشة سلطان
بلا شك فإن الحرية هي المطلب الكبير الذي يسعى لتحقيقه كل إنسان، بأن يكون حر الإرادة، حراً في خياراته، لا يحبسه أمر ولا يمنعه مانع ولا يفرض عليه قرار أو خيارات لا يريدها، وكذلك أن يفكر ويعتقد ويرى ما حوله بالطريقة التي يفهمها، وأن من أكثر ما يفتح عيوننا على فكرة الحرية هو الوعي، فكلما كنت واعياً كنت حراً بدرجة أو بأخرى، فكيف يتأسس أو يتكون الوعي فينا؟ باجتماع أمرين متلازمين: العلم أو المعرفة والحاجة!
إن الإنسان الحر يعيش حياة أطول بفضل حريته، لا يعني ذلك أن الحرية تزيد سنوات العمر، لكنها تمنح صاحبها ذلك الثراء والتنوع والعمق الذي يجعله يعيش الحياة بأضعاف مضاعفة من الفهم والاستفادة والحب والاطلاع والبحث عن الفرص والمتع أكثر مما يفعل ذلك الإنسان مسلوب الحرية، وبالتالي المحروم من المعرفة والوصول إلى منابع أنهار السعادة والفهم والتواصل والعلم ..والخ.
إن حرية أحدنا في الحكم على ما يقرأه أو يشاهده أو يتعرف عليه مثلاً، هو تجلٍ مهم من تجليات الحرية، فهل نحن أحرار في أن نقرأ ما نشاء؟ أظن أننا أحرار بالفعل، لكن هل نحن أحرار في الحكم على كتاب أو لوحة أو فيلسوف أو عالم بالطريقة التي تحلو لنا؟ لا أظن ذلك، خاصة حين يكون الحكم غوغائياً معتمداً على الهوى لا على المنطق، وعلى الانطباع الشخصي لا على المعايير الموضوعية.
لك الحق في أن تقول أعجبتني هذه الرواية أو لم أحب تلك اللوحة التي رسمها دافنشي أو بيكاسو أو فريدا كاهلو، لكنك لست حراً في أن تسفه فكر نجيب محفوظ أو شكسبير أو ماركيز، لأنك لم تفهم أفكارهم أو تستسغ نصوصهم، فهذه ليست حرية، إنها نوع من العبودية لسطوة العاطفة غير الناضجة.