بقلم - عائشة سلطان
إن التدريب على القراءة، يشكل لدى القارئ ذائقة من نوع ما، ذائقة ذات تصنيف يعتمد على نوعية ما يقرأ، وباختصار، ودون مواربة، فمن يقرأ كتباً ذات نوعية أو مستوى جيد، ستتشكل لديه ذائقة جيدة، ومعارف جيدة، ووعي جيد (بقي أن نتوسع في مناقشة معنى الجودة هنا!)، ومن يقرأ كتباً رديئة، سيتحصل على عكس ذلك حتماً.
وفي ظل وفرة الحرية في الوصول للمعلومات والمعارف، إضافة لحريات أخرى مرافقة، انهمرت على الناس مع ثورة التقنية ووسائل التواصل واشتراطات السياسة، جعلت الإنسان حراً في أن يقرأ، كما قادت لارتفاع السقف في ما نقرأ ونشاهد، حتى أصبحنا بلا سقف فوق رؤوسنا تقريباً!
مع ذلك، سيبقى الجدل قائماً، حول نسبية الجيد والرديء، فالكلام حول أن ما هو جيد بالنسبة لك، يمكنه أن يكون رديئاً بالنسبة لي، ليس خطأ، لكن لا بد من أخذه بحذر. صحيح أنه لا وجود لجيد مطلق، ورديء مطلق، لكن علينا التأكد ممن يقول ذلك! فهذا المنطق محل تقدير، حين يأتي من أصحاب المنطق والفهم، وممن أمضوا أعمارهم في القراءة والاطلاع، لا من المزايدين والمستفيدين من نشر الضحالة والتفاهة وفكر التطرف والتخلف، وأفكار القرون الوسطى.
هناك نسبية معترف بها، في ما يخص تفضيلات القراءة، والجماليات الأدبية والفنية، ولكن هناك أيضاً معايير وشروط، لا يمكن تجاوزها، في ما يخص الجودة والقيمة الأدبية. إن مستوى اللغة، وجماليات النص، وإنسانية المضمون، ومقدار المتعة والفائدة التي يحققها للقارئ، شروط لا يمكن تجاوزها عند الحكم على جودة العمل (الكتاب، الرواية، القصة...)، أو على رداءته، بعيداً عن طريقة المعالجة.
إن هذه الجودة، هي ما تجعل روايات وأعمال تولستوي وتشيخوف وكافكا ومحفوظ، وأمين معلوف وغيرهم، أعمالاً خالدة، ومحل تبجيل، ببساطة، لأنها ذات مضمون إنساني وممتد عبر الزمن!