بقلم - عائشة سلطان
بدا لي موضوعاً شائكاً، أن أتبادله مع فتاة ما زالت في سنها العشرين، فهذا من الموضوعات التي لطالما اعتقدت دائماً، أنها لا تحظى باهتمامات الشباب في هذه الأيام، لكن انتباهها واهتمامها، والحماس الذي أظهرته أثناء الحديث الذي امتد بيني وبينها طويلاً، حول فكرة وعي الذات، فاجأتني، كما أسعدتني، فقد راقتها الفكرة، إلى الدرجة التي فكرت فيها بتبني مشروع ثقافي، لنشر هذا الوعي بين أفراد المجتمع.
«وعي الذات»، من الموضوعات التي أصبحت تحظى باهتمامات وأحاديث عدد لا بأس به من شباب اليوم، وهذا أمر يستحق التوقف عنده، حيث يبدو موضوعاً فلسفياً وجاداً، يكسر الفكرة النمطية حول تفاهة اهتمامات الشباب، كما ينقلهم من منطقة الاهتمامات المادية، إلى ما هو أكثر عمقاً.
هناك أعداد كبيرة من الشباب يعيشون خارج إطار هذا الوعي، جاعلين من الماديات (الطعام، اللباس، المقتنيات، المظاهر.. إلخ)، محوراً للحياة وللصراع والبقاء وإثبات القيمة، وهنا تكمن أهمية الاشتغال على الوعي.
والوعي، كلمة تعبر عن حالة عقلية، يكون فيها العقل بحالة إدراك، وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي، حيث يتمثل في درجة ما يمتلكه من أفكار ووجهات نظر ومفاهيم عن الحياة والطبيعة من حولك.
فالوعي شديد الارتباط بالعقل، فلا وعي بدون عقل، وكل عاقل، يجب أن يمتلك قدراً من الوعي العام، وقدراً جيداً من الوعي بالذات، إذا أراد أن يعلو على شرطه الحيواني، ويتميز كذات إنسانية ذات قيم رفيعة، مؤهلة لما هو أكبر وأعظم من العيش المظهري المرتكز على تلبية المطالب الحسية فقط، ولذا، يعتبر تاريخ الإنسان، تاريخ صراع في سبيل إثبات هذه الذات، وإثبات جدارتها واستحقاقها للحرية والكرامة.
إن الثورات الإنسانية التي تفجرت في التاريخ كله، فجرها أناس كان وعيهم بذاتهم، وبما حولهم، كبيراً جداً، ولذا، وجدوا أن التضحية لأجل كرامة ومكانة هذه الذات، تستحق المخاطرة فعلاً.