بقلم - عائشة سلطان
جرب أن تطرح على نفسك هذا السؤال، ماذا لو تخيلت حكاية أخرى لحياتي غير التي أعيشها الآن؟ ولكي يكون لسؤالك معنى منطقياً، ستجد أنه لا بد أن تطرح سؤالاً استباقياً، هو: هل اخترت الحياة التي أعيشها، أم اختيرت لي؟ وهل لدي استعداد للمضي فيها كما هي، حفاظاً على ما لدي، أم أنني مستعد للمجازفة؟.علينا كذلك أن نطرح سؤالاً يبدو لي في غاية الضرورة، ولا شك أنه خطر ببال الكثيرين منا، له علاقة بامتلاكنا لمواهب وقدرات لم نكتشفها، أو لم نكشف عنها لأسباب نعلم بعضها ولا نعلم جلها، فهل لدينا استعداد لمعرفة تلك القدرات، وتحمل متطلباتها؟.
كم شخص منا يمتلك القدرة لمواجهة ذاته، وفتح تلك الأبواب الموصدة في شخصيته، والتعرف إلى ما يمكنه أن يقلب كل شيء فيه وحوله رأساً على عقب؟ خاصة بالنسبة لأولئك الأشخاص الذين أسسوا لحياة تتطلب نمطاً تقليدياً من الأشخاص، نمطاً بلا متطلبات، وبلا رأي أو اشتراطات أو التزامات، تأخذه بعيداً، لتزج به في معمعة من المشاعر والأسئلة المزلزلة!هذا بالضبط ما يحاول الفيلم الأمريكي اللغز أو (puzzle)، أن يقوله: ماذا إذا اكتشف أحدنا أنه لم يمنح نفسه يوماً، تلك الفرصة الحقيقية ليجرب قدراته ومواهبه الكامنة، بعيداً عن مساحة التراخي والاعتياد التي سقط فيها، لاعتبارات مختلفة (الزوج/ الزوجة، متطلبات الأبناء، أعباء المنزل/ التزامات العلاقات العائلية...)؟.
لقد وجدت الزوجة (آغنيس)، نفسها، تهتم طيلة الوقت بطهو الطعام لصديقات أبنائها، أو بشراء نوع الجبن الذي يفضله زوجها، أو بالبحث طويلاً عن قطعة زجاج طبق مكسور، خشية أن يدوس عليها زوجها أو أحد أبنائها.. بينما لم يسألها أحد منهم، عما تهتم به هي نفسها، هي التي كشفت لعبة تركيب الصور المقطعة (puzzle)، كم هي ذكية وموهوبة في تركيب هذه الأحجيات، التي غيرت رتابة يومياتها، لتصير لاحقاً مجرى متدفقاً بالتحديات، حفر بعنف في نهر حياتها، ليغيره نهائياً، وإلى الأبد.