بقلم - عائشة سلطان
عرف الروائي الإيطالي والناقد الأدبي والفيلسوف الشهير أمبرتو إيكو (1932-2016) على نطاق واسع بروايته التاريخية «اسم الوردة»، إضافة إلى عدد من الروايات الأقرب للألغاز والمتاهات الذهنية، وفي روايته الأخيرة «العدد صفر» يطرح الكثير من الملفات التي ليست من ذلك النوع الذي يفضله الأدباء أو القراء معاً!
من هنا يصح القول إن إيكو يكتب لقارئ خاص يعيش متعته الخاصة وهو يقرأ بكثير من المعاناة أحياناً، ألغازاً تلعب فيها اللغة والتاريخ دوراً في توجيه القارئ نحو أفكار لم تكن لتخطر له على بال، من خلال اختراع حكايات مربكة بالفعل!
في «العدد صفر»، يدخل إيكو إلى دهاليز العالم الخفي للصحافة، عبر ناشر يختار عدداً من المحررين الفاشلين، مكوناً منهم مجلس إدارة ليقوموا بتحرير «العدد صفر» من جريدة الغد، حيث يمارس رئيس المجلس (سيماي) صنوفاً من التمارين الذهنية عبر اختيار ملفات غريبة، لكنه يطرحها بأقل الطرق صدامية مع المجتمع (كنزاهة المسؤولين/ ودور القضاة الإيطاليين في الفساد..)، لكنه يعمل على ألا يجعل أحداً يغضب من الصحيفة، أو يناصبها العداء لرغبته في التقرب من عالم الكبار؛ لذلك يجهز أحد محرريه ملفات سرية لكثيرين لتهديدهم بها!
يقدم أحد أفراد طاقم التحرير فكرة غريبة تعتمد على فرضية أن كل طاغية له أشباه لضمان عدم تعرضه للاغتيال، خاصة في الأماكن المزدحمة، وإذاً فمن يستطيع التأكيد أن المقاومين الإيطاليين قد تمكنوا من إلقاء القبض على الدوتشي موسوليني فعلاً؟ ألا يفترض أن يكون الذي أعدم هو شبيهه؟ بينما تم إخفاء الديكتاتور في الفاتيكان، أو رُحّل إلى الأرجنتين مثلاً؟
وبالمناسبة فقد طرحت ذات النظرية عند إعدام الكثير من الديكتاتوريين أمثال هتلر، وحتى عندما قتل أسامة بن لادن.. رواية تستحق عناء قراءتها.