بقلم - عائشة سلطان
لن نحتاج لأن نسأل بعد اليوم: كيف كان الناس يعيشون في زمن انتشار الأوبئة، وأن نذهب لنفتش عن أحوالهم في الكتب والحكايات والروايات، لنعرف كيف رتبوا حياتهم في تلك الأوقات الصعبة، وكيف واجهوا الرعب والخوف، وكيف مرت عليهم ليال بلا نوم، وامتلأت بعض نهاراتهم بالقلق على حياتهم وحياة أحبتهم، وكيف تجاذبتهم الأفكار السلبية والمحبطة؟ لأننا نعيش التجربة ذاتها بكل تفاصيلها.
من الواضح أن هذه الجائحة ليست كما غيرها، وأنها لن تغادرنا ونحن نفس الأشخاص الذين كنا قبلها، وأن الذين لا تروق لهم تلكم العبارة (الحياة لن تعود كما كانت قبل كورونا) عليهم أن يعودوا أنفسهم تقبل الأمر وقبوله، لكي يتمكنوا من فتح قلوبهم نتعلم فلسفة أخرى، مختلفة للتعاطي مع الحياة والوقت والطبيعة والثروات والرغبات!
يقول الروائي الروسي (ديستويفسكي): «يجب أن تدفعوا الثمن، لا يمكن للإنسان أن يتعلم فلسفة جديدة وطريقاً جديداً في هذه الحياة من دون أن يدفع الثمن».
الحياة، هبة كبرى، والنعم التي بين أيدينا أمانة ومسؤولية، الأمور ليست منفلتة من مساراتها، وسيرورة الأشياء محكومة بنظام ومعادلات دقيقة، ولذلك حين تعامل الإنسان مع كل ما يحيط به بمبدأ الفوضى والمصالح الضيقة، دمر كل شيء، فآل مصير الإنسانية إلى هذا الحال، وكان لا بد من حدوث أمر عظيم يوقف كل ذلك النزق البشري!
وبعيداً عن سؤال من المتسبب؟ ومن المستفيد؟ فلقد عاشت البشرية كلها الرعب ذاته، كما اكتشف الجميع ومن دون أن يخططوا أن هناك دروباً مختلفة وأكثر يسراً وفائدة عليهم أن يسلكوها من الآن فصاعداً، كما اكتشفوا أن الحياة ليست كلها في الخارج، بل هي في داخلهم.