بقلم - عائشة سلطان
لو سألت مئة شخص أو حتى ألف شخص ليس بينهم كاتب أو رسام أو مسرحي مثلاً، عن روتينهم اليومي، فربما لا تعثر في إجاباتهم على شيء مثير أو يمكن وصفه بخفة الروح أو الصراحة المتناهية، لكنك ستحصل منهم على إجابات متشابهة حول الروتين اليومي المتعارف عليه.
إن أغلب هؤلاء الذين يعبرون فضاء الشارع، حيث تجلس أنت مسترخياً ببلادة في ذلك المقهى، ليسوا سوى أساتذة مدارس وموظفين صغار أو طلاب جامعات أو عاطلين عن العمل أو..، أي أنهم أناس عاديون لا ينضبط يومهم إلا بالروتين وساعات الدوام ومقار العمل الثابتة، بينما لا يستطيع الروائيون والشعراء والرسامون والموسيقيون، أن ينضبطوا كجنود الاحتياط في الجيش النظامي!
صحيح أن ما ينتجه الأدباء والرسامون لا يخضع لضوابط الوقت لكن الاستسلام للمزاج المضطرب يقود لنهاية مدمرة، فذلك يعني أنهم لن ينجزوا ولن ينتجوا ولن يتقدموا، لذلك أصبحوا مطالبين بضرورة الانقياد والانضباط وتحديد ساعات عمل وكمية إنجاز يومية دون الاعتذار بالمزاج والوقت والمكان والظروف!
حين تسأل روائياً أو شاعراً أو رساماً: كيف هو روتينك اليومي في الكتابة؟ قد يبدو السؤال بسيطاً بقدر ما يحمل من ثقل ومسؤولية. صحيح أنه لا جغرافيا محددة للكتابة ولا وقت ولا أوامر، لكن هناك كتابة ضرورية، وهناك شروط والتزامات يحيط بها الكاتب نفسه.
لا ينجح الكاتب بالالتزام بما يعد به غالباً، لكنه يعلم أن عليه أن يتعلم الكتابة في أي مكان وفي أي وقت: في قاعات الانتظار في المطارات، كما في مقهى ستاربكس، أو على طاولة المطبخ في البيت، في سيارة الأجرة كما في الطائرة أو وهو ينتظر القطار، في السادسة مساء أو الواحدة بعد منتصف الليل، فلا روتين ولا أعذار!