بقلم - عائشة سلطان
يبدو أمراً طبيعياً ألّا تفكر في الأشياء نفسها التي يفكر بها الآخرون، تقول لنفسك: أنا شخص ناضج بما فيه الكفاية، ولدي ما يكفي من الاستقلالية وبعض الوعي الذي يجعلني أفكر بطريقتي، المهم أن فكرتي التي تمكنت من تكوينها لا تزعج أحداً أو لا تعتدي عليه بشكل أو بآخر! ذلك أمر مهم، يجب ألّا يزعج أحداً، ولا يثير قلقي كذلك.
لماذا عليَّ أن أقلق إذا عارضني الآخرون؟ ولماذا عليهم أن يشنّوا عليَّ حرب إبادة نفسية إذا عارضتهم؟ ألم يُخلق الناس مختلفين منذ البدء، وهكذا سيبقون كما أخبرنا الله؟ إذاً، لنؤمن بذلك، ولنتوقف عن شن حروب الإبادة على بعضنا، انطلاقاً من نظرية التفوق العقلي عند البعض على الآخرين!
ولتكن لدينا القدرة على المجاهرة بأفكارنا أو على الأقل بالفكرة التي كوَّناها عن العالم الذي نعيش فيه، العالم ينفتح على بعضه، يكسر أكثر التابوهات التي بقيت محرمة طويلاً عبر التاريخ، ثم يجسر البعض على الذهاب إلى آخر الطريق ليعرف ماذا هناك كي يطمئننا أن لا وحوش تنتظرنا إذا ذهبنا، ومع ذلك نظل أسرى الخوف من مجرد فكرة ومن مجرد رأي لا يتفق معنا؟
تكتب في صفحتك على أحد المواقع رأياً حول فكرة أخلاقية تربيت عليها وتؤمن بها، وتقول بأنك ستربي أبناءك عليها؛ لأنك تراها عظيمة بالفعل، وترفق رأيك بصورة تشرح ذلك التهاوي الأخلاقي الذي يضرب في عظم تلك الفكرة، فتفاجأ بحجم العداء والاستنكار والهجوم الذي يشن عليك، تتهمك بالرجعية وعدم الفهم ورفض الآخر، لماذا كل ذلك؟
ثم يسترعي انتباهك ادعاء هؤلاء المهاجمين عبر صفحاتهم في مواقع التواصل أنهم ليبراليون ومتفهمون ومتقبلون وو.. إلخ. بالتأكيد إنه مرض ازدواجية المقاييس الذي لم نشفَ منه بعد، رغم مظاهر التحضر التي ندّعيها!.