بقلم - عائشة سلطان
المقطع الصوتي الأخير الذي انتشر البارحة لسيدة إماراتية ترد فيه على المرشحة لعضوية المجلس الوطني، صاحبة برنامج القضاء على العنوسة بتعدد الزوجات، جاء كمسك الختام، بحيث لا يحتاج أي مواطن أو مواطنة بعد ذلك إلا إلى أن يستمع إليها ليعرف الفرق بين صاحب الوعي الحقيقي وبين من يمكن أن نسميهم حاطبي الليل، فصاحب الوعي يعرف حقائق الأمور وملابساتها وأدق تفاصيلها، أما حاطب الليل فيكتفي بما تصل إليه يده، ويجمع كل ما يتعثر به دون أن يتبين حقيقة ما يجمع!
لا أعرف من هي تلك السيدة صاحبة الرد المنطقي، التي فنّدت القضية بكامل وعيها، بعيداً عن كون القضية برنامجاً انتخابياً أم لا، فالمرأة، كما بدت من خلال صبرها في الشرح والتفصيل، مهجوسة بمصلحة مجتمعها، وذات عقل حكيم يعتني بالتفاصيل ويراها مهمة، كما يجد في الكليات والثوابت الاجتماعية مرجعية لا بد من الاحتكام إليها، وهذا لم يمنعها من نقد السلوك العام بطريقة ساخرة، لكنها أصابت قلب الحقيقة تماماً!
لم تلجأ إلى السخرية من المترشحة ولم تهاجم طريقة معالجتها للعنوسة، وجاءت كلماتها موزونة ومهذبة وحكيمة، قدمت المعلومة والنصيحة والفائدة، وأخذت بأيدينا جميعاً في دهاليز واحدة من أكثر قضايا المجتمع حساسية، ولكن بهدوء وصراحة وبدون أية مبالغة!
نعم، لدينا إشكاليات اجتماعية عديدة كأي مجتمع، إشكاليات متعلقة بالأسرة وتأخر سن الزواج بين الشباب لأسباب بحاجة إلى دراسة وحل، إضافة إلى غلاء المعيشة وانعكاساته على كل شيء، وأولها تكاليف الزواج، وتزايد الزيجات المختلطة من الأجانب وغيرها، ومع ذلك فمن قال إن الحل في تعدد الزوجات؟
فهذا الحل، إضافةً إلى كونه لا يمثل برنامجاً انتخابياً، هو حل من يريد أن يزيد الطين بلة، ولذلك كان لا بد أن ينبري الحكماء وأصحاب الخبرة والتجربة من نساء ورجال الإمارات ليقولوا كلمتهم الحاسمة، حتى لا يظن البعض أن هذا المجتمع يسير بلا كوابح، وأنه قد فقد بوصلته الموجهة!