بقلم - عائشة سلطان
في الأيام القليلة الماضية، أتيحت لي الفرصة لمتابعة العديد من النقاشات الثرية على التطبيق الجديد «كلوب هاوس» الذي رحب به الملايين، وتوجس منه العديد من الناس كذلك، وهو أمر متوقع وطبيعي، ويحدث مع كل جديد في حياتنا؛ لأن الإنسان عدو ما جهل!
لنناقش الذين هاجموه وطالبوا بمنعه أو إحكام الرقابة عليه، بحجة أنه سيكون البوابة للأشخاص الخطرين والجماعات الإرهابية المختلفة، وهؤلاء لا يقف أحد معهم ولا يدافع عن فكرهم بالتأكيد، لكن الفضاء مليء بالمخاطر والمواقع التي تحتاج إلى الكثير من الحذر والحظر، فهل نقدر أن نحظر الجميع؟
إن سبب خوفنا من الأفكار والأشخاص والجماعات التي تحمل فكراً مختلفاً مرده إلى سببين؛ إما أن نخاف لأن هذه الأفكار مضرة بالمطلق، وستلحق ضرراً لا جدال فيه على حياة وأمن وحريات الأفراد والمجتمعات، وهذه لا بد من حظرها ومنعها حماية للآخرين، كأن تمنع المواقع الإباحية، أو المواقع التي تعلم المراهقين طرق الانتحار، أو صناعة المتفجرات.. إلخ.
أما السبب الثاني فأن نخاف من أفكار لا تناسبنا، وهنا لا بد من فتح قوس كبير نقول فيه: «إن حظر ومنع الأفكار التي لا أتفق معها أو لا تناسبني أو لا أقتنع بها، ليس الحل الأمثل، لقد أثبت التاريخ والواقع ذلك، فالأفكار تمتلك أجنحة سرية وتطير عبر الأزمنة والأمكنة، وفي النهاية ستصل إلينا في عقر بيوتنا وستندس تحت مخداتنا أيضاً».
لا حل إذاً سوى مواجهة هذا الفكر بمنطق «الفكر في مقابل الفكر» والحجة بالحجة وبلا خوف، أما الرقابة والحظر فقد ولى زمانهما فعلاً، وهذا يقتضي أشخاصاً محصنين، يمتلكون أدوات المحاججة والمنطق والمعرفة والثقافة واللغة وسعة الاطلاع، وهذه نقطة ضعف الداعين إلى حظر هذا التطبيق؛ لأنهم لا يملكون من هذا شيئاً، لذلك فالأسهل عندهم قمع الفكرة وقتلها.. وهذا هو الفخ الأخطر.