بقلم - عائشة سلطان
وحده التاريخ يقبض على الزمن، التاريخ حين يصير آثاراً وشواهد وقلاعاً وكتباً وسيراً ومتاحف، صحيح أنه يصير زمناً محنطاً ومسيجاً بسياجات لا تعد ولا تحصى، وأول هذه السياجات الموت، لكنه يكون محفوظاً أو مقبوضاً عليه!
هذا التاريخ الذي نتفرج عليه عبر القصور والصور والمتاحف يقف الزمن كجبل هائل أو كحائط هائل غير قابل للاختراق، فلا نحن نستطيع استعادة التاريخ، ولا نحن قادرون على أن نخترق الزمن، كل حدث يمضي يغادر الزمن ويظل معلقاً في لحظة اللازمن، كالموت تماماً، لا أحد يذهب إليه ويعود منه!
الناس، كل الناس كما رأيتهم يعشقون التاريخ، لأنهم يريدون الحفاظ على الزمن وفهم أسراره المغلقة، فالزمن واحد من الأسرار العظيمة في حياتنا وفي عمر الكون، لكن هل يكفي هذا الهدف وحده؟ هل صحيح أننا نحافظ على ما لدينا وما كان إرثاً خلفته حضارات أجدادنا فقط لنتباهى به، ونحوله إلى ترس في عجلة الاقتصاد والدخل الوطني؟
أظن أن الأمر بهذه الصورة ليس معيباً، فليس خطأ أن نتباهى بأمجادنا، إن روح التباهي بأمجاد التاريخ تشحذ الروح الوطنية للأجيال ولكل أفراد الأمة، لذلك فإن هذا لا يجب أن يكون حكراً على التاريخ الذي انقضى، علينا أن نصنع اليوم أمجاداً تشحذ حسّ التباهي بالمجد الوطني، وهذا أحد منجزات اقتحامنا للفضاء اليوم.