بقلم - عائشة سلطان
عندما كتب الروائي الفرنسي من أصل أفغاني عتيق رحيمي، روايته «حجر الصبر» عام 2008، فإن الاستقبال الكبير الذي حظيت به في فرنسا وبقية دول العالم ربما فاق توقعات رحيمي نفسه، لقد ترجمت الرواية على صغرها للعديد من اللغات، كما حازت أرفع جائزة فرنسية في عام صدورها وهي جائزة الغونكور، ولم تمر أربعة أعوام حتى تحولت إلى فيلم سينمائي عام 2012.
قبل البدء في قراءة الرواية، سيجد القارئ هذا الإهداء: (كتبت هذه الرواية إحياء لذكرى ن.أ، شاعرة أفغانية قتلت بوحشية على يد زوجها) و ن.أ، هما الحرفان الأوّلان لاسم الشاعرة ناديا أنجومان، التي نشرت في العام 2005 ديوان شعر فجّر غضب زوجها، الأستاذ الجامعي، الذي انهال عليها ضرباً بطريقة متوحشة أدت لوفاتها، فحوكم وأودع السجن، وفي سجنه حاول الانتحار، لكن محاولته انتهت بدخوله في غيبوبة دائمة!
تمكّن عتيقي بحرفية عالية من أن يمزج فكرته التي تتلخص في كتابة نص يمجد الكلمة الحرة التي يحق لكل إنسان أن يقولها، مع الحادثة المأساوية بكل أبعادها الثقافية والاجتماعية، مع الأسطورة الفارسية التي تتحدث عن حجر يمكن لمن يعثر عليه أن يبوح له بكل أسراره وآلامه وخبايا نفسه، حتى ينفجر الحجر ويتخفّف المعترف من كل ما يثقل روحه وقلبه.
هذا المزج القائم على الوعي بالفكرة التي تستمد مشروعيتها من بعدها الإنساني، وتتعمق أكثر بالرغبة في إطلاق صوت المرأة تحديداً لمواجهة تخلف المجتمع حين يقمع حق الإنسان في الحكي والتعبير عن مشاعره ورغباته، بحجة العيب والخوف بغض النظر عمّا يحتاجه هو وعمّا يعانيه.
هذا البعد الإنساني هو ما منح الرواية تلك القيمة وذلك الاحتفاء، ما جعلها واحدة من أهم الروايات في المشهد السردي الفرنسي والأفغاني معاً.