بقلم - عائشة سلطان
أسرَّت إليّ صديقتي وهي بين الحيرة والتذمر: في كل مرة أستقدم خادمتين إلى المنزل، وأنفق الكثير من المال لأجل ذلك، ثم أتكبّد عناء تعليمهما وتدريبهما على شؤون البيت وأمور الخدمة، ما يستهلك مني الكثير من الجهد والوقت، ثم لا يمرّ الكثير من الوقت حتى أُصدم ذات صباح باكر بخبر هروبهما من البيت!
وهكذا، لا تنتهي المشكلة أبداً، فماذا أفعل؟ تتساءل: كيف يمكنني، ويمكننا جميعاً حل هذه الإشكالية الباهظة الكُلفة؟
قلت لها باختصار، من حيث أنهت حديثها: أن نقنِّن احتياجاتنا لكل شيء، فلا نغرق فيما نحتاج إليه وما لا نحتاج إليه، ثقافة الإغراق والاستهلاك هي ما يرهقنا جميعاً، ويُغرقنا في الاعتماد المبالغ فيه على الخدم، ما يجعلهم في النهاية يهربون! لنتحدث قليلاً فيما يخص الاعتماد على خدم المنازل بشكل متفاقم، فإن الأمر يحتاج منا إلى وقفة مساءلة لأنفسنا، ولمدى احتياجاتنا، وللواقع الذي نحياه، وللوعي الذي نتمتع به، علينا أن نتساءل بجدية عن العلاقة بين حجم العمالة في بيوتنا مقارنة بعدد الأشخاص ومستوى الدخل، وضرورة الخدمات التي يقدمونها داخل المنزل!
ولنرفع سقف الصراحة ونسأل أنفسنا: هل نحتاج فعلاً إلى كل هذا العدد من الخدم في منازلنا؟ ولننتبه إلى أن هناك فرقاً كبيراً بين الحاجة والرغبة، وبين الضروري والمفروض، في الحقيقة نحن اعتدنا وجود عمالة مساعدة في بيوتنا، لأن البيوت كبيرة وواسعة جداً وعدد أفرادها كبير، لكن في حالات كثيرة فإن الأشياء المتراكمة سنواتٍ وسنواتٍ التي تبدو غير ضرورية قد تفاقم هذه الأزمة، نحن لا نتخذ خدماً للحاجة الماسّة دائماً، هذه حقيقة علينا الاعتراف بها!
نحن من يخلق المشكلة إذاً، وحين نفكر في حلها نسارع إلى جلب المزيد من العمالة، والأمر لا يحتاج سوى وقفة صارمة مع النفس والواقع، لتحديد احتياجاتنا الحقيقية والضرورية التي سنتمكن في حال تحديدها وتقنينها من العناية بها بأنفسنا أولاً، والاستمتاع بها ثانياً، والشعور بالتخفف من ظاهرة المراكمة التي تُثقل الحياة وتعرقل بساطتها!