بقلم - عائشة سلطان
في ليلة الإنجاز العظيم، أنصت بحرص وفخر، لمعالي سارة الأميري وهي تقدم تفصيلاً للإعلام حول السيناريوهات الأربعة المحتملة لمصير الرحلة الحلم، رحلة مسبار الأمل إلى كوكب المريخ، لقد كنت أكتب مقالي هذا ليلة البارحة وأنا عين على شاشة التلفزيون أتابع البث الحي للمسبار في دقائقه الأخيرة ما قبل بلوغ غايته، ويد تنقر على لوحة أزرار الكمبيوتر، بينما يحلق قلبي هناك في مدار بلا حدود بانتظار دخول المسبار متوهجاً كشمس وكحلم يختبئ منذ سنين في قلوب شعب لم يعد يعرف المستحيل.
وبرغم قلقي وحرصي ونفاد صبري، فقد كان صوت ثابت ومؤمن يجلجل في داخلي: «لقد نجحت المهمة في اللحظة التي بدأت فيها»، نعم تلك اللحظة الفاصلة التي غيرت وستغير كل خريطة التفكير والأهداف، اللحظة التي لم يصدقها سوى أصحابها والمؤمنين بها، اللحظة التي فكرت فيها الإمارات بالذهاب إلى كوكب المريخ وسبر غلافه وفك أسراره وألغازه عبر مسبار تم تصنيعه وتشغيله بأيادي 200 شاب وشابة إماراتيين، وضعهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في وجه التحدي منذ ستة أعوام، حين قال لهم (أريدكم أن تبنوا المسبار لا أن تشغلوه فقط!)، وقد كان الشباب على قدر التحدي!
لقد انطلق الحلم الأول من صحراء الإمارات عام 1971 لتصبح الإمارات لاحقاً معجزة البناء والنماء والاستثمار في الإنسان أولاً وقبل كل شيء. بهذا الإنسان وبعد 50 عاماً بلغت الإمارات ضفاف الحلم حاملاً دولة أجمل من الحلم نفسه، دولة ستنطلق اعتباراً من الأمس ومن صحراء المريخ لخمسين عاماً قادمة ستكون مليئة بالإنجازات والأحلام التي لم تخطر ببال أحد.
من اليوم، نحن في قلب معادلة التفوق العلمي، وعلى ذلك سيتربى جيل جديد في دولة أصبحت مختلفة بكل المقاييس، جيل أصبحت أحلامه أبعد من المريخ، جيل ينتمي لدولة انضمت إلى نادي الخمسة الكبار في كشوفات الفضاء، وذلك ليس أمراً سهلاً بكل مقاييس بناء الدول والإنجازات والحضارات.