بقلم - عائشة سلطان
نتذكر تماماً تلك الإحصائية الصادمة التي حشرت بين معلومات كثيرة وردت في صفحات تقرير التنمية الإنسانية للعالم العربي عام 2013، ذلك الرقم الصادم الذي أخبرنا عن وضعنا الكارثي فيما يتعلق بمعدل القراءة السنوي عند المواطن العربي، مقارنة بمثله عند المواطن الأوروبي والأمريكي، وكذلك كمية ما ينتجه الوطن العربي من كتب مقابل ما تنتجه دولة واحدة في الاتحاد الأوروبي إسبانيا مثلاً.
لقد أكد التقرير يومها أن العربي يقرأ بما يعادل ست دقائق سنوياً، والحقيقة أنه لا يوجد أي دليل على مصداقية ودقة هذه الإحصائية، لأن الجهة التي أصدرت التقرير لم ترفق أي مصدر معلوم له، وقد أعلنت المؤسسة لاحقاً أنه مجرد رقم لا أكثر! والحقيقة أنه حتى في ورقيات وتقارير اليونسكو لم يرد أي دليل على دقة أو صحة هذه الإحصائية!
ما يعني أنها حشرت في التقرير كجزء من آليات دفع الإنسان العربي للشعور بالدونية والضآلة أمام مواطني العالم الذين يقرؤون، وينتجون المعرفة، ويسهمون في الصناعات الثقافية، وهو أمر يتجاوز الشعور بالتحدي إلى إحداث ثغرة في الوجدان العربي الجمعي تؤدي إلى الشعور بالمهانة والعجز تماماً، وتقبل الهزيمة المعرفية والعلمية أمام أمم الأرض، وهو ما يدفع للقبول بفكرة السوق العربي البشري المستهلك، في موازاة الغرب المصنع والمنتج!
لقد أثبت الفريق الذي بحث في هذا الأمر وفنّده تماماً، أن الفرد العربي يقرأ بمعدلات عالية تصل لـ 50 ساعة قراءة سنوياً بالنسبة للفرد الإماراتي، و35 ساعة للفرد العربي، كما قاد هذا البحث لإطلاق عام القراءة في دولة الإمارات، وإصدار قانون للقراءة عام 2016 للمرة الأولى على مستوى العالم، ثم تم تحديد شهر مارس ليكون شهراً سنوياً للقراءة يقود بحزم من المحفزات والأنشطة والمبادرات والآليات إلى تكريس القراءة كفعل وسلوك وثقافة عامة يدفع بها هذا القانون، وينظمها ويعمل على تحفيزها على جميع المستويات.