بقلم - عائشة سلطان
كنت قد اعتدت حمل كتاب عادة ما يكون رواية، أحملها في حقيبة يدي وأنا أهمس لنفسي أن ست ساعات زمنٌ كافٍ جداً لإنهائها دفعة واحدة، بينما أنا جالسة باسترخاء كامل في هدوء الطائرة، وذلك الصمت الذي يلف المسافرين عادة وهم يشاهدون أفلامهم المفضلة بعد أن تطفأ الأنوار وإشارات ربط الأحزمة.
ما يحدث عكس ذلك تماماً، فبمجرد أن أفتح الكتاب، أجدني وقد ذهبت في نوم عميق طوال وقت الرحلة، وهكذا اعتدت هذا الوضع دون أن أعرف سر ذلك النوم، حتى قرأت مقالاً لماركيز، يقول فيه: إن النوم إحدى آليات الهروب التي يقاوم بها عقلنا الباطن شعور الخوف الذي عادة ما يكون كامناً في داخل كل مسافر بالطائرة بدرجة أو بأخرى، وإن سلسلة الأفلام المثيرة التي يمكن مشاهدتها على متن الطائرة، وعدد المرات التي تتردد عليك فيها المضيفة لتقدم لك العصائر أو الطعام وغير ذلك، كلها تدخل ضمن خطط الذهن للتغلب على مخاوفه وأوهامه العديدة!
في آخر رحلة إلى إيطاليا منذ سنتين، قررت أن أتغلب على حيلة النوم، فاخترت أحد الأفلام العربية، وكم دهشت وفرحت بذلك الخيار، لقد مسَّني ذلك الفيلم لشدة رهافة الحكاية الإنسانية التي يحكيها لنا كمشاهدين يعنيهم جميعاً أمر تلك الحكاية بدرجة أو بأخرى.
يحكي الفيلم قصة «محمود فوتوكوبي»، رجل في أواخر الستينيات من عمره، يمتلك مكتبة لتصوير ونسخ المستندات في منطقة العباسية. يكتشف فجأة أن مهنته كجامع حروف في الصحيفة قد تلاشت، وبالتالي فهو مجبر على التكيُّف مع وضعه الجديد ومسايرة تحديات التغيير الكلي حوله، وإلا فإنه سيتعرض للانقراض مثل الديناصورات.