بقلم - عائشة سلطان
استوقفني ذلك الحديث عن العيد بثه قلب يتأرجح بين الحنين والحزن، بتلك الجملة اللغوية الكثيفة في معناها وما قد تقودك إليه كإنسان يمتلك قدراً من الحس والخيال والتدبر، ذلك الحديث حول تقاطع ذواتنا، عقولنا، أرواحنا، وذاكرتنا مع يوم أو مناسبة مبجلة جداً في وجداننا كالعيد، هل العيد أن تعيش حالة الفرح الجماعي المحيط بك مرتدياً أكثر ثيابك أناقة ومستقبلاً ضيوفك بابتسامة؟ هل هو في وجود أعز الناس من حولك؟ أم هو في وجود شخص بعينه كان وجوده يؤثث الوقت بالفرح والمعنى، وحين ذهب أخذ العيد معه واختفى؟
هل يرتبط العيد عند الناس بممارسة طقوسه في الوطن تحديداً؟ مع العائلة؟ أم أن العيد في قلبك تحمله أينما ذهبت وتعيشه على أية مساحة من الأرض؟ هل العيد ممارسة آنية ترتبط بوقتها الحالي وبالمتوافر من الإمكانيات؟ أم أن العيد ذكريات وأمكنة وأهل وروائح عطور وبخور وأطعمة خاصة ووجوه محفورة على جدار الوقت والروح؟
لماذا حين نسافر ويمر بنا ذلك العيد، نشعر كأن طيفاً لا يكاد يرى ألقى التحية وعبر فضاء المكان كشبح واختفى في الزحام من دون أن يثير فينا شهية الفرح الصاخب والملون والمختلف التي تميز العيد؟ هل يحتاج العيد للعائلة، للأصحاب، للمة الأحباب أم لأرواح تتشهى الفرح وتبحث عنه أينما كان؟
يرتبط العيد كتجربة حميمة بالطفولة تحديداً، وعندي يرتبط برائحة أمي وروائح العود تعبق في بيتنا منذ ساعات الفجر، أما في الزمن الفيزيائي السائل، الذي نعيشه كحالة لا يد لنا فيها، فالعيد ليس سوى وحدة زمنية نقيس بها عبور الوقت: ٢٤ ساعة كأي ٢٤ ساعة مضت قبلها، إن الذاكرة وانتعاشاتها وتمثلاتها في الواقع هي ما يمنح الوقت معنى مختلفاً سعيداً أو غير سعيد، خفيفاً أو ثقيلاً، مبجلاً أو مغرقاً في عاديته، الذاكرة وحمولتها المتشابكة ورغبتنا في بناء ذاكرة أخرى موازية إن استطعنا إلى ذلك سبيلاً!