بقلم - عائشة سلطان
في عام 1995، لم يكن لدى معظمنا بريد إلكتروني، كنا نستخدم الفاكس في المراسلات اليومية، في بداية سنوات الألفية الثالثة، وبعدما غربت شمس آخر يوم من عام 2000، بدأ الناس حديثاً متشعباً ومتذبذباً بين القلق والمصالح، حول العولمة، الاقتصاد الحر، التجارة الحرة، الإرهاب والسلاح الكيميائي، المتطرفين والإسلاموفوبيا، ومرحلة ما بعد الثورة التقنية والرقمية والتواصلية، واقتصاد المعرفة.
لم تكن الدول تعرف بالضبط توجهاتها وكيف تختار الأصلح بين كل هذا المعروض، كنا بالكاد نتهجّى الإنترنت، ونتعثر بين بريد إلكتروني وآخر، كانت الهواتف النقالة تُستخدم لإجراء المكالمات، وتسلّمك وتتسلم نيابةً عنك رسائل نصية شكّلت في تلك الأيام ثورة، وعندما جاء نظام البلاكبيري ماسنجر ارتفعت أحلام التواصل المجاني عالياً، ما جعل الناس يعتقدون أنهم سيموتون إذا تم حرمانهم من هذه الخدمة.
عندما كنت أفتح الصحف، كانت مقالات الرأي لا تخلو من موضوع عن الأخطار التي يشكّلها الإنترنت على الصحافة وعلى الشباب وعلى الأطفال، وكانت الاستنتاجات كلها تقود إلى أن الإنترنت هو الخطر والعدو الأول للصحافة والإذاعة والكتاب والتلفزيون، وبعد عقد من الزمان ما عاد أحد يتحدث عن هذا الموضوع، لأنه أصبح من ضرورات الحياة التي لا تهندس يوم أصغر طفل وأكبر صحفي في كل العالم، لقد اعترفنا جميعاً بسطوة وحظوة وأهمية الإنترنت ووسائل التواصل التي تحولت إلى مادة نظرية للنقاشات والبحوث والدراسات الأكاديمية لا أكثر!
الحقيقة أن الناس أشاحوا بأبصارهم واهتمامهم عن القراءة بشكل عام، وعن متابعة مجمل وسائل الإعلام بالشكل الذي عرف سابقاً، لا لأن الإعلام التقليدي لا يقدّم جديداً، لكن بسبب المحتوى والمضامين الإعلامية شديدة المعاصرة التي يقدمها الإعلام الاجتماعي الجديد.
ولذلك، فإن على الصحف ووسائل الإعلام التقليدي أن تفكر في التغيير الجذري، في القفز إلى الأمام، في التحول إلى صحافة الرأي والتحليل الخبري، والخدمات الحكومية والمالية والسياحية والعقارية والثقافية والتقنية والاستشارات الهندسية والعلمية والتجارية والغذائية والتجميلية والطبية، وغيرها مما يحتاج إليه الناس في أي مكان، أكثر من الاهتمام بالأخبار المعتادة، الجريدة مهمة جداً، لكن التغيير سيجعلها أكثر أهمية.