بقلم - عائشة سلطان
جميعنا نفكر بشكل أو بآخر في مسألة العدالة ودرجة نسبيتها في الواقع، ليس تشكيكاً في القضاء وعدالة القانون، ولكن في كمية ومساحة المصادفات أو الحوادث التي تغيّر حياة البشر بطريقة غرائبية تقلب حياتهم رأساً على عقب دون ذنب اقترفوه سوى أنهم تقاطعوا مع أناس أرادوا احتكار الحياة لأنفسهم، بينما كانوا هم يعملون بإخلاص واجتهاد ليحظوا بحياة كريمة كالآخرين لا يريدون أكثر من أن يربوا أبناءهم، ويعيشوا معهم بطمأنينة، ملتزمين بالقانون، ومتفانين في محبة بلدانهم وأهلهم، مع ذلك قد يجد بعض هؤلاء أنفسهم بين ليلة وضحاها وقد انقلبت حياتهم وصاروا كمن تتلاعب بهم الريح.
كم قصةٍ سمعناها عن رجل أو شاب سُجن ظلماً بسبب تآمر البعض عليه، وكم شخصٍ فقد عمله ظلماً واضطربت حياته، وكم واحدٍ اتُّهم بتهمة ملفقة دمرت مستقبله وسُمعته وتركته حطاماً أو في حالة يُرثى لها بعد أن فقد عمله وخسر أسرته وسُمعته وتضررت صحته وانفضّ الناس من حوله، فتحولت حياته إلى مأساة حقيقية سيحتاج سنواتٍ طويلةً كي يتجاوز محنتها، أفكر في هؤلاء الناس وفي حجم المرارة التي تمتلئ بها صدورهم وهم يرون فقدان المعنى من حياتهم وخلوّها من الأمل والهدف والإيمان بقيمة الإنسان والأصدقاء والحياة!
كثيرة هي القصص التي حدثت للبعض دون تخطيط مسبق فغيّرت حياتهم للأحسن، كأن يربح فقيرٌ ورقةَ يانصيب، أو تتزوج فتاة عادية أميراً مؤهلاً لوراثة عرش بريطانيا مثلاً، أو يصبح أحدُهم رئيساً للولايات المتحدة، أو تُختار فتاة ذات مواصفات جمالية عادية لتصبح ملكة جمال بلادها، كما حدث مع ملكة جمال إحدى الدول العربية أخيراً.
يحدث ذلك بالتأكيد في واقعنا وتتغير حياة البعض بفعل هذه المصادفات السعيدة بنسبة 360 درجة! وفي المقابل تكشر الحياة عن أنيابها لتأخذ من آخرين ما منحته لأولئك، دون أن نعرف سر هذه التوازنات، فنرضى بها ضمن قاعدة القضاء والقدر!
سيظل هناك من يَظلم ومن يُظلم في كل مكان، ومن يُحرم من أبسط حقوقه دون أن يملك القدرة على دفع الظلم، فيزجّ به في السجن يلتهم أجمل سنوات عمره، إنه ليس أكثر بشاعة من الظلم، ومن كسر أحلام الناس، وحرث قلوبهم بالمرارات، ورُغم البشاعة فالإنسان مستمر في طريقه هذا دون هوادة!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة البيان