بقلم - عائشة سلطان
في سنوات السبعينيات تحديداً كانت جميع بلدان الخليج بلا استثناء مستعدة للتغيير المرتقب، ومتلهفة لتجاوز مرحلة الركود كي تلحق سريعاً بركب التطور السائد في العديد من الأقطار العربية في ذلك الوقت.
أما الركود وعدم التطور فقد كانت له أسبابه الموضوعية: منها ما كان يتعلق بالوجود البريطاني في الخليج، ومنها ما له علاقة بفقر الموارد واقتصاد الكفاف، لذلك كان أول ما داعب خيالات جيل السبعينيات هو أن تتحول بلدانهم الخليجية إلى ما يشبه ما كان سائداً في مصر ولبنان والعراق تحديداً، فقد ذهبت أعداد كبيرة منهم إلى هناك للدراسة أو ضمن البعثات الدبلوماسية، وهناك تفتحت الأحلام ونضج الوعي بشكل لافت.
لقد تم توظيف عائدات البترول ضمن مشاريع نمو وتنمية بشرية واقتصادية ضخمة وبوتيرة متسارعة، وتحديداً مشاريع التعليم والبعثات الدراسية للخارج شرقاً وغرباً، جنباً إلى جنب مع مشاريع بناء وإعادة تخطيط المدن، لقد انفتحت الإمارات على الجميع، جميع الثقافات والجنسيات، والطموحات، وهذا الانفتاح بقدر إيجابياته الكثيرة، فقد كانت له تأثيراته السلبية أيضاً والتي انعكست في تبنّي البعض توجهات دينية أثرت لاحقاً في مناهج التعليم بشكل واضح.
كان المشروع الحداثي الذي راهنت عليه الإمارات متبلوراً في مشروع التعليم، وما تعلق به ونتج عنه كرعاية الرموز الفكرية والأسماء المثقفة من أدباء ومثقفين وكُتاب وشعراء، إضافة إلى تأسيس النوادي والجمعيات المهنية، التي من خلالها تسللت معظم الأفكار والتوجهات والتيارات الفكرية.
يتذكر جيل الثمانينيات تلك البدايات التي لا تنسى حين أصبح لدينا جامعة وطنية للمرة الأولى، وعلى الجانب الآخر في المدارس والمناهج كان التعليم العام يتعرض للتجريب والتجاذبات ما بين التيارات الوطنية والتيارات الإسلامية المتشددة وحتى المتطرفة، ولقد تجاوز الأمر مسألة التجريب والتجاذبات إلى التغلغل والتبدل وتأسيس تيارات وصراعات ظهرت بشكل واضح جداً في سنوات الثمانينيات في جامعة الإمارات تحديداً!