بقلم - عائشة سلطان
في مقابلة تلفزيونية سُئل الكاتب والروائي المصري (خيري شلبي- توفي عام 2011) عما يريد أن يقوله للأدباء الشباب المقبلين على الكتابة والأدب، وهو سؤال يتكرر كثيراً على أمثال هذه القامات الأدبية ذات الأثر، والتجربة الشاهقة في عالم الأدب والرواية والقصة، ولو نظرنا لوجدنا عناوين كثيرة حول رسائل وحوارات وتوجيهات، يقدمها روائيون كبار للشباب، الذين- بالكاد- يضعون أقدامهم على عتبات بوابات الأدب.
نتذكر منها (رسائل إلى روائي شاب) للروائي باراغاس يوسا، و(كيف تكتب الرواية) لغارسيا ماركيز، و(الروائي الساذج والحساس) لاورهان باموق وغيرهم، كما قدم كتاب عرب كبار نصائح عظيمة لهؤلاء الشباب أمثال محمد المنسي قنديل، خيري شلبي، عبدالرحمن منيف، نجيب محفوظ، وآخرون، فإذا أظهر بعض الشباب ميلاً لرفض النصائح، لأنهم يرفضون الوصاية ويتبنون مقولة: «إن كل إنسان يصنع تجربته الشخصية بنفسه»، وجب التأكيد على أن النصيحة شيء، والوصاية شيء مختلف تماماً، كالفرق بين الرأي والحكم المسبق، الذي يخلط البعض بينهما كثيراً.
الحقيقة هي كما لخصها نجيب محفوظ حين قال: «إن آفة حارتنا النسيان»، ونحن آفتنا الخلط، والاعتداد الزائد عن الحد بالنفس، يقول خيري شلبي، رحمة الله عليه، (على الشباب المقبلين على الأدب ألا يتعجلوا النشر، وأن يكدحوا في الحياة ما وسعهم الأمر، وأن يعرفوا ويختبروا الحياة بالتجربة الحقيقية لا بالتفكير والفرجة الذهنية، وأن يتجنبوا حياة الشللية الفاسدة والمفسدة للأدب والثقافة، والتي تصنع تياراً ثقافياً يعمل بقوة الشلة وتكتلاتها على إشاعة جو، يسيطر على أسماء معينة هي التي تدور وتدير الثقافة، وهي التي تحضر الندوات، وتسافر للمهرجانات، ويكتب عنها في الصحافة، وووو ).كان إرنست هيمنغواي يقول دائماً «إنني أبحث دائماً عن جملة حقيقية»، يقصد بها تلك الكتابة النابعة من رحم التجربة، وجسد الخبرة، وليس من التسكع في المنتديات والسهرات والمقاهي والمهرجانات، فالأدب الحقيقي هو ما ينتج عن تجربة حقيقية لا عن عبارات مسبوكة بقوة الخيال فقط.