بقلم - عائشة سلطان
لو اعتمدت على قناعاتي الشخصية وملاحظاتي الانطباعية، التي سجلتها عبر زياراتي العديدة لمعارض الكتب، منذ سنوات طويلة، وعبر رصد مجموعات القراءة، التي أسسها ويشارك فيها بشكل فاعل ومستمر مواطنون إماراتيون من مختلف الشرائح العمرية.
وكذلك عبر تنامي دور النشر الإماراتية، خلال فترة زمنية قصيرة جداً، لا تتجاوز الأعوام العشرة، إضافة لمؤشرات مؤسسية وحكومية لا تقبل الجدل، أستطيع القول بثقة مصدرها ليس الإحصاءات ودراسات الجمهور، وغيرها من أدوات القياس العلمية، ولكن ليقيني بأن هناك من يعمل ليل نهار، لتكون هذه الثقة في محلها، أن القراءة أصبحت سلوكاً معتاداً في حياة الشباب والعائلات والأطفال معاً.
على ماذا ترتكز هذه الثقة؟ ما هي تلك الجهود المؤسسية التي تقوي هذا اليقين بخصوص القراءة، في الوقت الذي يصر بعض الإعلام والإعلاميين، وكثير من مصدري الإحصاءات على مقولة متداولة، خلاصتها (أن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون)، هذه واحدة من المقولات التي يمكن تسميتها بعبارات الإهانة القومية، أو السباب الجمعي، هناك من يهين أمته وتاريخه وجهده ببساطة، وبشكل مهين، ولا يجد من يرد عليهم، بل على العكس نجد من يطبل لهذه المقولة، ويعيد إنتاجها على شكل مقالات، وتحقيقات في الصحف المحلية والقومية للأسف الشديد!
حين كان المجتمع يواجه شح الموارد والفقر والعزلة، وكان الإعلام والكتب والقراءة وكبريات الجامعات مخصصة للآخرين، للمتحضرين من شعوب العالم الأول، لم يعدم الإنسان الإماراتي وسيلة، للحصول على الكتب وإنشاء المدارس البسيطة والصحف، وحين أشرقت سنوات الوحدة العظيمة بنى الإنسان كل ما كان قد فاته: المدارس والجامعات ودور النشر ومؤسسات الترجمة، بل وتَقَدّمَ الآخرين بقوانين للقراءة، ومناسبات احتفائية، تمتد لفترات طويلة حافلة بالأنشطة والمحفزات والدفع والإنفاق، لتكون القراءة ثقافة وسلوك وممارسة، ولقد نجحنا وسنواصل بلا يأس.