بقلم - عائشة سلطان
عندما انكسر الطبق، جمعت الزوجة كِسرهُ المتناثرة من أرضية غرفة المعيشة، وكلعبة البازل حاولت إعادة تركيب القطع، عندها اكتشفت وجود شظية ناقصة، فانحنت باحثة عنها تحت المقاعد، حدث ذلك أمام الضيوف وفي ليلة يفترض أن أسرتها تحتفل بعيد ميلادها، عندما مر بها زوجها وهي منحنية على الأرض قال لها (لا تفعلي ذلك أمام الضيوف)، وقبل أن يمضي أجابته (أخشى أن يدوس عليها أحدكم)!
كان هذا من المشاهد الأولى التي افتتح بها فيلم اللغز أو الأحجية (puzzle)، لكنه المشهد الذي سيشكل أساس الفيلم، وهو أن حياتنا قد تكون أحياناً عبارة عن متوالية زمنية ليلها كنهارها لا شيء يبدو جديداً، لكننا نمررها بمنطق الروتين وسطوة الاعتياد لا أكثر، أما نحن: ذواتنا، رغباتنا الحقيقية، احتياجاتنا، أسئلتنا وتساؤلاتنا، كيف نفكر، ماذا نجهل، وما الذي يتوجب علينا أن نعرفه، هل نريد هذه الحياة فعلاً؟ هل نحن راضون عنها، هل نود الاستمرار فيها.. متوالية استفهامية لم نقف يوماً لنبحث عن إجاباتها، أو حتى مجرد إعادة ترتيبها لتساعدنا في اكتشاف الحقيقة أو حل اللغز / الحياة التي ندور في فلكها منذ سنوات طويلة!
الحياة هي اللغز، هي الأحجية في الفيلم، وكل واحد منا يمكن أن يضع نفسه مكان البطلة (آغنيس) الزوجة والأم المتفانية والتقليدية والمستسلمة إلى درجة البرود واللافعل، إلى أن تكتشف موهبتها الكبيرة في تركيب قطع البازل المكونة من 1000 قطعة في زمن قياسي، فتتعرف على بطل مشهور في هذه اللعبة وتعيش معه مغامرة من نوع ما، لكنها وهي تمضي في ألعابها كلها تكتشف ما هو أهم!
تكتشف ذاتها واحتياجاتها وماذا تريد فعلاً، فتقرر حين تدوس هي على قطعة الزجاج المنسية أن تحتمل ألم انتزاع الزجاجة من قدمها لتنتزع نفسها من تلك المتاهة العدمية، ومن ثم تنطلق مسافرة في اتجاه نفسها!