بقلم - عائشة سلطان
في العام 1877، صدرت في روسيا رواية تحت عنوان «أنا كارنينا» لكاتب روسيا الشهير ليف تولستوي، فيما بعد اعتبرها النقاد واحدةً من أعظم نتاجات الأدب الروسي والعالمي، وبعد مضيّ أكثر من 140 عاماً على نشرها، ما زالت تعتبر أثراً سردياً عظيماً يحظى باهتمام النقاد والناشرين والمترجمين وصُناع السينما.
من بين كل نقاط القوة في الرواية تعتبر الجملة الافتتاحية واحدة من بين أكثر الافتتاحيات جمالاً وعمقاً. «جميع الأسر السعيدة تتشابه، لكن كل أسرة تعيسة فهي تعيسة على طريقتها»، هكذا بدأ تولستوي روايته، جاعلاً حياة بطلته تتأرجح بين السعادة الزائفة التي عاشتها «أنا كارنينا» إثر علاقتها بالفارس الشاب فرونسكي، والتعاسة القاتلة التي سقطت فيها إثر تخليه عنها.
فما الذي جعل «أنَّا» تتورط في علاقة الحب تلك؟ عن ماذا كانت تبحث وما كانت تفتقد؟ هل كشفت «أنَّا» عن أنانية بغيضة عندما اختارت حبيبها وهجرت زوجها وطفلها لأجله؟ هل كان تولستوي يتحدث عن انعدام القيم لدى امرأة ومجموعة رجال أم عن تهاوي القيم في المجتمع الإقطاعي في ذلك الوقت؟ لماذا تخلى فرونسكي عن حبيبته التي ضحّت لأجله، ما جعلها تلقي بنفسها تحت عجلات القطار نفسه الذي التقته فيه لأول مرة!
لا شيء كما يبدو عليه أو كما يبدو من السطح، فكل ما تراه الأعين يخفي حقائق أخرى تماماً قد لا تصدق، تختبئ تحت غلالات من السعادة الزائفة والخوف أو الخيانات والفساد أحياناً، إن على مستوى العلاقات الإنسانية البسيطة، أو على مستوى المنظمات العالمية والدول، حيث نكتشف في نهاية كل حكاية أن معظمنا تعساء بشكل أو بآخر، ومتورطين في صناعة فقاعات من الزيف والادعاء، وأننا مستمرون في ذلك كل بطريقته ولسبب يعلمه هو دون غيره!