بقلم - عائشة سلطان
مما لا شك فيه، أن الأشهر الماضية لم تمر علينا مرور الكرام، لقد أغلقت المدن وقيّدت الحركة وشلّت الحياة، وخلت الشوارع لأيام وليالٍ طويلة حتى من ضوء سيارة واحدة، واقع لم يخطر لنا حتى في أسوأ أحلامنا! لكنه حدث بالفعل!
ويوماً إثر آخر من أيام الحظر والعزل كان الناس في كل مكان يعيدون إنتاج الحياة بممارسات لم يعتادوها مسبقاً، في العمل والتعليم والعلاقات الإنسانية وغير ذلك، وفي ظرف أشهر قليلة تغير كل شيء، وجد الناس أنفسهم يعيشون حياتهم كلها (عن بُعد) بدءاً بالعمل وانتهاءً باللقاءات العائلية. ولأن الإنسان كائن متعوّد بطبعه وسريع التأقلم فقد عبر الاختبار الصعب وكسب التجربة، ودفع ثمنها، لكنه وعى قيمتها جيداً.
التعليم، كان أحد التحديات الكبيرة التي وقفت في وجه المسؤولين وأولياء الأمور والطلاب، كيف نكمل وكيف يتعلم الطلاب ويجرون امتحاناتهم؟ لقد تم تدريب المعلمين على عجل لاستيعاب صدمة الحالة، وبدأت تجربة التعليم عن بعد صعبة ومربكة لعدد كبير من المعلمين والطلاب وأولياء الأمور، وإن بدت مريحة وملائمة لآخرين!
لقد احتاج (التعليم عن بعد) لفضاءات منزلية مناسبة للتعلم والعمل معاً، كي تستوعب الأم التي تعمل والوالد الذي يدير اجتماعاته والأبناء الذين يتفاعلون مع معلميهم، وقد كانت بعض المنازل صغيرة وضيقة ولا تحتمل هذا الوضع، أما أعداد الدروس ومتابعة الطلاب فقد استغرقت وقتاً وجهداً مضاعفاً أنهك المعلمين، وضاعفت عزلة التلاميذ! لكن لم يكن هناك من حل آخر!
اكتشف الجميع مهارة خلّاقة يمكنهم اللجوء إليها عند الأزمات لاحقاً، لكن الأصوات التي تنادي بتطبيق التجربة فيما بعد، عليها أن تعيد النظر في الآثار النفسية والحياتية السلبية التي تحمّلها الجميع بصبر لتمر العاصفة، لكنهم لن يتمنوا تكرارها بالتأكيد، ليس الجميع على الأقل!.