بقلم - عائشة سلطان
لنتحدث عن الصدمات التي تعرضنا ونتعرض لها جميعاً في الحياة.. هنا لا أتحدث عن صغار السن، فهؤلاء يمتلكون قدراً جيداً من ذخيرة الوقت وصلابة الروح، الأمر الذي يجعلهم يستطيعون ترميم الخسارات والقفز عليها بطريقة أسهل.
لنتحدث عن الكبار، الذين عبروا كثيراً من طرقات الحياة وواجهوا العديد من التحديات والتجارب الجيدة وكذلك المصاعب، هؤلاء، وجميعنا من هؤلاء، ينظرون للفشل بوصفه من التجارب الصعبة في الحياة، التي لا يكونون في أبهى حالاتهم حين يتذكرونها أو يتحدثون عنها.. فشل العلاقات الخاصة بشكل عام، سواء العلاقات العاطفية أو الصداقات الوثيقة أو الزواج، وحتى تجربة العمل.. إلخ.
هذا الفشل حين يحدث مباغتة، فإنه يشبه سقوط سقف البيت على رأس صاحبه، هكذا روت لي صديقتي خبر تلقيها وثيقة طلاقها، لذلك كثيرون يستغرقون زمناً كي يستوعبوا ما حصل، يمسكون برؤوسهم طويلاً ويستعيدون التفاصيل ويتألمون كمن يضع إصبعه داخل جرح غائر في لحمه.
فقدان الحبيب يجعل البعض لا ينام، لا يتوقف عن البكاء، والشعور بالأسى تجاه نفسه. الطلاق يجعل البعض يصحو من نومه على نوبات صداع وبكاء وآلام في المعدة ورغبة في التقيؤ، هذه الخيارات لها علاقة بظروف وطبيعة كل شخص منا على حدة.
إن الخوف من الألم والوحدة وفقدان الثقة بالنفس، والتقييم العالي للذات، وعدم امتلاك خيارات رحبة في الحياة لمواجهة هذا الفشل هو ما يحوله من تجربة حياتية تحدث كل لحظة لملايين الناس رغم قسوتها إلى كارثة شبيهة بغرق سفينة في منتصف المحيط، لذلك يعيشون حياتهم وفق خيارين: الخوف من الفشل، الأمر الذي يجعلهم يتنازلون باستمرار حفاظاً على تلك العلاقات، أو السقوط في التعاسة إذا لاح وقت الانفصال.
إن الخوف من التعاسة لا يحمي أي علاقة.. هذه قاعدة علينا أخذها بعين الاعتبار، وبناءً عليها يجب أن نتوقف في اللحظة المناسبة، علينا أن نتعلم متى وكيف نغادر الطاولة، وأن نقلبها إذا اقتضى الأمر وننفذ بجلدنا، بأقل الأضرار الممكنة.