بقلم - عائشة سلطان
في كتابه «الضحك والنسيان» يقول ميلان كونديرا «أن تضحك يعني أن تعيش الحياة بعمق»، وسواء حلل الإنسان ظاهرة الضحك أم لا، فكلنا في نهاية الأمر نضحك على أشياء كثيرة، سواء للمتعة الحسية التي يولدها الضحك فينا، أو لنحارب به الحزن والاكتئاب، أو لنظهر سعادتنا في مواجهة الحياة والناس.
كما أن الضحك هو اللغة الأكثر وضوحاً وتطوراً والتي يعبر بها الجسد ليس فقط عن الفرح، ولكن يمكننا أن نلاحظ أن الإنسان يضحك في حالات متباينة: كالتوتر، الخوف، التهكم، الحزن، الغضب، الخجل، الصدمة، السخرية، فهو يضحك في كل هذه الأحوال ليواجه المواقف المتناقضة بذات اللغة: الضحك!، ناهيك عن تلك (الضحكة الاجتماعية) التي لا تعبر بالضرورة عن أي إحساس لا بالمتعة ولا بالفكاهة!
في كتابه «فلسفة الفكاهة»، يرى جوناثان ميلر أن الفكاهة هي تسلية مجانية للعقل تريحنا من سلسلة الأفكار الروتينية، وتخفف من استبدادها بنا، وتمنعنا من أن نصبح أسرى لها. لقد كتب الكثير من الكتاب والصحفيين عن الضحك باعتباره مقابلاً للنسيان، كما فعل ميلان كونديرا.
فالإنسان يضحك أحياناً ليتجاوز مآسيه الشخصية أو العامة، وليس بالضرورة لأنه سعيد أو مستمتع. من هنا يتبنى الناس بشكل عام في منتدياتهم واجتماعاتهم مقولات محرضة على الضحك والفكاهة أو داعية له، فيقولون (ما دام الإنسان لا يمكنه أن يقهر الدنيا كما تقهره، إذن فليضحك عليها) هل يبالغون في ذلك؟
قد لا يفعلون لكنهم حين يحرضون أنفسهم وغيرهم على الضحك فلأنهم يعرفون تمام المعرفة مردوده ونتائجه حتى على الحياة العامة حين يتحول لموجات من السخرية يتبناها الكوميديون، الذين يتجاوز ضحكهم خشبات المسارح ليتحول إلى سخرية تنتشر في المجتمع، لمواجهة الأوضاع المعيشية المتأزمة، أو الأنظمة المستبدة.