بقلم - عائشة سلطان
لم أدخل معرض الشارقة للكتاب يوماً أو معرض أبوظبي، إلا ووجدته هناك، يقلب كتاباً، أو يستفسر عن مرجع أو يتحدث إلى زميل أو مهتم بشأن من شؤون الإمارات، وفي آخر معرض التقيته يتنقل بين دور العرض على كرسيه المتحرك مستعيناً بجهاز تنفس محمول. فبالرغم من وضعه الصحي إلا أن شيئاً لم يحل بين (صلاح) وشغفه بالكتب، لقد كان شغوفاً بالمعرفة، منذ تنبه وعيه في سن مبكرة على ما كانت تحتويه مكتبة والده قاسم سلطان المدير السابق لبلدية دبي، من ذخائر ونفائس.
صلاح قاسم سلطان الحائز شهادة الدكتوراه في التاريخ السياسي للإمارات في الفترة من (1952 ــ 1971)، عانى الكثير على المستوى الصحي ليتمكن من إكمال أطروحته المهمة، التي بوأته مكانة لائقة بين الباحثين المتخصصين في تاريخ دولة الإمارات ما قبل تأسيس الدولة، ومع ذلك فقد كان اعتلال صحته عائقاً حال دون أن يصبح (صلاح) أحد نجوم المؤتمرات واللقاءات العلمية، إلا أنه كان يعطي قدر استطاعته.
ورغم مرضه وضعف جسده، والمشقة التي كان يتحرك بها وتواكب خطوه كلما سار أو جلس أو تحرك، إلا أنه لم يفقد يوماً شغفه بالقراءة والعلم والتاريخ والمراجع والمصادر، لم ييأس أبداً ولم يستسلم، وأتم أطروحة ليس من السهل التصدي لموضوعها ومصادرها المتمثلة في مراجع دولية بريطانية وهولندية.
الصديق، الباحث، المجتهد (صلاح) انتقل إلى جوار ربه يوم أمس السبت، لتفقد الساحة العلمية والثقافية رجلاً رغم علمه الواسع في مجاله إلا أنه لم يثر حوله أي ضجيج، ورحل مخفوراً بتواضعه وشغفه.
رحمك الله يا صلاح، لترقد روحك بسلام ورحمة.