بقلم - عائشة سلطان
نحتاج في أحيان كثيرة، لأن نبطئ في سيرنا، وأن نتوقف إذا اقتضانا الأمر، فما يمر بنا من تفاصيل وأحداث ويوميات، ليس بجديد كله، هناك استعادات يحب الزمن أن يفتح أعيننا عليها، بين وقت وآخر، لحكمة لا نلبث أن نعرفها آجلاً أم عاجلاً، لذلك، يضع تحتها خطوطاً، لنتوقف عندها، ونحن نركض لاهثين إلى الأمام!
لذلك، لا بأس أن نمشي بذاكرتنا للخلف أحياناً، فهناك ما فاتنا أن نراه بتأنٍ وهدوء، أن نفهمه ونستوعبه ونعيه جيداً، ونحن نركض للإمساك بكل شيء: التطور، الحياة، الشهادات، المال، الحب، المتع، المستقبل، الشهرة، تحقيق الذات.. إلخ. سواء كنا مجتمعات أو أفراداً، مثقفين نحمل لوثة الوعي وجمرة المعرفة في داخلنا، أو أفراداً عاديين تماماً، نعبر الحياة متخففين، لا نلقي بالاً لتعاقب الأيام والحوادث، فنقبلها على ما هي عليه.
كلنا بحاجة لأن نتمهل، ونتوقف ونتفكر في لحظة ما من حياتنا، لنراجع ما حدث ويحدث لنا وحولنا، ذلك أن الحياة لا تتوقف عن محاولاتها الدؤوبة لجذبنا إليها، وصرف انتباهنا عن كل شيء، لكن الزمن المترصد الأزلي، الواقف عند التقاطعات، وعلى الأرصفة البعيدة والأزقة الضيقة، لا يلبث أن يرفع رأسه، مقرراً التدخل في الوقت المناسب.
الزمن، ذلك المعلم الثابت الصارم، هو من يتصدى ليدفعنا إلى أن نقرأ الذي يحدث لنا وحولنا بعقل متمهل متأمل، إلى أن نترجل عن عربة الغفلة والغرور والعجلة، لنرى المشهد وأبطاله، وما يحدث اليوم، في موازاة ما حدث في أزمنة سابقة، لنحيك من كل ذلك قماشة الوعي، وباستحضار التاريخ، وتذكُّر ما كان، كي لا نضل أو ننسى أو ننفصل.
لا شيء مما يحدث اليوم، منفصل عما كان بالأمس، لكن الإنسان محكوم بالنسيان.