بقلم - عائشة سلطان
شغفت منذ عدة أيام فقط بمتابعة مقاطع فيديو للمدونة الصينية الشهيرة لي زيكي، التي تحظى بنسب متابعة ومتابعين تصل إلى ما يفوق 6 ملايين مشاهد تقريباً للفيديو الواحد، هي لا تقدم دروساً في أساليب وضع الماكياج، كما أنها لا تتنطع بالتفاهات حول حياتها الشخصية ومقتنياتها من الحقائب والأحذية الفاخرة، وهي لا تنتقل من المكان الذي تعيش فيه، لا تسافر ولا تتجول في الأسواق والمطاعم، لا تدخلنا غرفة نومها ولا تفتح أمامنا خزانة ثيابها، ولا تهمس لنا بأسرار العلاقات الزوجية، هي لا تتحدث إلا بأقل القليل من العبارات، لكن حركتها لا تهدأ أبداً منذ بدايات الصباح الباكر، تتحرك كفراشة وتتنقل ضمن تفاصيل طبيعة لا تكتفي بإبهارك فقط، لكنها تجعلك لا تحلم إلا بالعيش والذهاب إلى حيث تعيش (لي زيكي)!
إنها فتاة تعيش في أعماق جبال (سيشوان) الصينية. على عكس المشاهير الآخرين عبر الإنترنت، وعلى الرغم من شهرتها إلا أن البساطة التي تظهر بها تعيد إلى الأذهان ثياب وتقاليد حضارة الهان التقليدية، كل ما فعلته الفتاة أنها استخدمت الطرق والأدوات الصينية الأكثر تقليدية من وجهة نظر غاية في التفرد، نوعية حياة وأسلوب عيش وأطباق طعام تقليدية شكلت للجميع تجربة اطلاع ومشاركة لم يعتادوها سابقاً.
لم تعش طفولة سعيدة مثل معظم الأطفال. عندما كانت صغيرة انفصل والداها، ثم توفي والدها مبكرًا. ما جعلها تقضي طفولتها مع جديها. كانت حياتهم بائسة، لكنها كانت أيضًا مستقرة نسبيًا. كان جدها طباخاً فذاً، ومنه تعلمت كل فنون الطهي التي تقدمها لمتابعيها، وإلى جانب الطهي، تعلمت أيضاً كيفية صنع سلال الخيزران وصيد الأسماك وزراعة الخضراوات وممارسة أعمال النجارة. بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في خضم عالم المدن المعقدة، تشكل تجربة لي زيكي اكتشافاً رائعاً حول مثالية الحياة في الريف، خاصة أنها تجمع بين عناصر الحياة الصينية القديمة والحديثة في عملية إنتاج الأغذية الصينية وطهيها، في محاولة حثيثة لشرح فكرة الانسجام بين الإنسان والطبيعة.