بقلم - عائشة سلطان
توجيه النقد، والاجتهاد في التنقيب عن العيوب، يحدث ذلك في كل وقت وفي كل مكان، فكثيرون لا يجيدون شيئاً قدر انتقاد وتصنيف بعضهم بعضاً، الرجال ينتقدون النساء، والزوجات لا يقصّرن في التبرم من كل شيء، المراهقون محل استياء الكبار على طول الخط، والمثقفون لا يعجبهم العجب، الذين بلا عمل ولا يريدون أن يقوموا بشيء ينتقدون الذين يعملون وبطريقة لا تخلو من العدائية المفهومة، والطامة الكبرى حين يُنصّب المثقف نفسه ديكتاتوراً، ولا يخجل من سؤال الآخرين: من أنتم؟
وهكذا تدور رحى الأيام بينما طاحونة الانتقادات وتوجيه اللوم تطحن أطناناً من الكلام والشائعات، هل هذا أمر طبيعي؟ لنعتقد ذلك ونمضي، فهذا أفضل من أن ننتقد الجميع!
حين تقرأ ما يكتبه البعض على صفحاتهم في مواقع التواصل، وخاصة صفحات بعض «المثقفين» تجدهم يبررون سلوكهم العدائي في النقد لاعتقادهم أنهم يمتلكون الحق والمعايير والمرجعيات الصحيحة لذلك كله، إنهم يمتلكون المعرفة والتاريخ والأسرار وحق التقييم، هكذا يعتقدون، أما حين تبحث عن أعمالهم فلن تجد لهم شيئاً في واقع مجتمعاتهم!
لا يتوقف البعض منهم عن وصف الآخرين بالتفاهة، وقلة الخبرة، وسفاهة الإنتاج ووو.. إلخ، فهم كائنات غير مرئية في نظر هؤلاء المثقفين الكبار، لكن ماذا عن الكبار أنفسهم، الذين يعتبرون أنهم العقلاء، الحكماء، المخولون بدفاتر التقييم والمواصفات؟ ماذا قدموا لهؤلاء؟ ماذا فعلوا؟ ماذا أنتجوا قبل أن يتقمصوا شخصية الديكتاتور ويسألوا ذلك السؤال الفوقي المقيت: من أنتم؟
أظننا نحتاج لأن نراجع كثيراً من قناعاتنا وجداول المعايير التي نتباهى بامتلاكها، فنطبقها على أنفسنا أولاً قبل أن نسخّف أو نحقر أعمال الآخرين ونقصيهم، يكفي فوقية أيها المثقف الديكتاتور!