بقلم - عائشة سلطان
على طريق مطار الشارقة الدولي وبالقرب من المدينة الجامعية هناك، يطل بناء زجاجي كامل البهاء وشديد الجاذبية، يتمدد على مساحة تزيد على 12,000 قدم مربعة، يرفع لافتة تقول لمن يقترب منه: أنت على مشارف الحكمة فادخل، أنت أمام بيت الكتب والعلم والأدب، أنت أمام أجمل المشاريع الثقافية، أنت في مكتبة بيت الحكمة.
وما أن تلج المكتبة، حتى يتجاور ما لا يحصى من الثنائيات في ذهنك: التاريخ الذي يستحضر بيت الحكمة في بغداد والمأمون، والحاضر الذي يفتح أمامك بيت الحكمة في الشارقة، كتب الأدب والعلم التي تصطف أمامك، وتلك الكتب في مكتبة كلية الفنون الجميلة في بغداد التي تم تدميرها وحرق 70000 من كتبها أثناء الغزو الأمريكي للعراق، حيث لم يبق للطلاب إلا القليل لمطالعته.
ليس للمكتبة دور واحد، ولا تحتضن المكتبة كتباً جامدة يتردد عليها أناس صامتون يتحركون كالآلات، ولا يبني أو يتبنى حضارة المكتبات إلا أشخاص يحفرون في جلد الزمان ولحم الواقع أفعالاً تستعصي على البربرية أن تمحوها، من هنا تمد بيت حكمة الشارقة يدها وقلبها لمكتبات العراق كلها.
إن مكتبة بيت الحكمة التي خربها جنود المغول وعاثت فيها خيولهم، قد هدمت كبناء وخربت كحجارة وصفحات كتب وأحبار شربها نهر دجلة، لكنه أعاد ضخها في شرايين الزمن وقلوب وأبناء الرافدين وقراء التاريخ وعقول المؤمنين بصمود الإنسان وإرادته الذين سيعيدون الحياة مجدداً لمكتبات العراق.
اليوم، وبعد 17 عاماً على التخريب يقيم الفنان العراقي الأصل وفاء بلال معرضاً في بيت الحكمة في الشارقة تحت عنوان «168:01» يشير عنوانه إلى تلك المجزرة التي ارتكبها المغول في القرن الثالث عشر، حيث ووفقاً للأسطورة، فإن صفحات بيت الحكمة يومها قد نزفت حبرها في دجلة لمدة سبعة أيام - أو 168 ساعة.