بقلم - عائشة سلطان
قرأت في كتاب بعنوان «مميز بالأصفر» هذه الكلمات: «الإنسان يعبر الحياة مرة واحدة، لذا، إذا كان هناك أي خير تستطيع فعله، أو أي إحسان تستطيع تقديمه لأي مخلوق، فلتفعله الآن إذن، لأنك لن تمر من هذا الطريق مرة أخرى».
كثيراً ما تصادفنا مثل هذه العبارات، قد نقرؤها على عجل، وقد نقلب الصفحة دون اهتمام ونمضي، في الحقيقة بعض هذه الكلمات تلخص تجربة شديدة الكثافة في حياة قائلها!
ذات يوم كنت أمرُّ بقرية من قرى الريف النمساوي، خطف بصري منظر القرية، فأوقفت سيارتي على جانب الطريق، وضعت عملة معدنية في عداد الموقف، وهممت بمغادرة المكان والسير صوب القرية، فإذا بامرأة تقف بسيارتها قريباً منِّي، حين أرادت أن تضع عملة في العداد لم تجد في حقيبتها أي عملة، وقفت حائرة، مشيت باتجاهها ووضعت لها العملة ثم ناولتها البطاقة، ابتسمت بامتنان وأنا مضيت في طريقي سعيدة بما فعلت، بعد عام واحد كنت أرتجف خوفاً وقد ضللت طريقي وسط غابة جبلية في ذهابي إلى مدينة «غشتاد» السويسرية، أظلمت الدنيا وأنا بصحبة والدتي وابن أخي طفل صغير بصحبتنا، بدا لي أن دعاء والدتي وخوفي عليها وعلى الصغير سيضع «عملة معدنية» في عداد ما لتنفرج الحالة، وقد كانت رحمة الله أقرب بشكل لم أتصوره!
بعد ذلك بسنوات، قرأت في الكتاب نفسه «مميز بالأصفر» هذه العبارة: «ضع قطعة في عداد موقف السيارات لشخص لا تعرفه، لا تنتظر ظروفاً غير عادية لتصنع معروفاً، حاول استغلال الظروف العادية، فلا تعرف ما الذي سيعود عليك من ذلك»، إن قوانين الكون قائمة على تجاذبات منطقية، الخير يجذب الخير، والطاقة الخيِّرة تذهب عميقاً في قلب الكون، لتعود ثانية إليك بأجمل وأعظم مما تتصور، ذلك هو جزاء الإحسان الذي يتحدث عنه الكتاب، حيث يقول لك إن ما ستجده بين دفتيه عبارة عن مقرر مختصر في العيش بحكمة!