بقلم : عائشة سلطان
كريم، طالب، مصري الجنسية، وحيد والديه، تخرج العام الماضي في المدرسة الأمريكية بأبوظبي وكان ترتيبه الأول، اختار بعد ذلك دراسة الهندسة، ومن بين أفضل الجامعات وقع اختياره على جامعة ألينوي إربانا-تشامبين، واحدة من أفضل وأعرق جامعات الولايات المتحدة (أسست عام 1867 أي منذ 153 سنة).
كان كريم يستعد لبدء عامه الدراسي، عندما بدأت الأرض تهتز تحت أقدام الجميع، وبدأ إعصار كورونا يقتلع كل الثوابت ويبعثر كل المسلمات الضاربة في أرض الواقع، وبدأت إجراءات العزل والحجر والإغلاق الكامل تدريجياً إلى أن وصلت الجائحة إلى مدن الولايات المتحدة فأغلقت المطارات وتوقفت الحياة!
مع بدايات مارس، وإطلالة الربيع كان ثلاثة مليارات إنسان محبوسين في منازلهم كإجراء احترازي، وكانت الحديقة اليابانية المكان المفضل لوالدة كريم قد أصبحت مكاناً مهجوراً، بينما كريم العالق كغيره من الطلاب الأجانب في أكثر الدول تضرراً من كورونا يحسب الدقائق ويتطلع إلى الله باحثاً عن ضوء صغير في آخر النفق المظلم الذي وجد نفسه فيه.
اهتدى كريم لكتابة يومياته كطريقة علاج ناجعة، وصار ينشر هذه اليوميات باللغتين العربية والإنجليزية تحت عنوان (يوميات طالب عربي في أمريكا مع كورونا) يكسر عزلته من خلالها، يكتشف ذاته وعلاقته بكل شيء، يفكك علاقته بوالديه بوعي كامل وعاطفة جياشة، يعبر عن مخاوفه وقلقه وعن امتنانه لأصحابه، مسترجعاً تفاصيل منزله في أبوظبي والأمكنة التي اشتاق إليها هناك.
كريم يعزف العود بشكل فائق الحساسية، وهو بكل ما يفعله يومياً ينتصر للأمل والحياة رغم كل ما يحيطه، ولذلك فيومياته هي الشمعة التي أضاءها بدل أن يلعن الظلام، وسيأتي ذلك اليوم الذي يقف كريم متحدثاً عن تجربته كشاب ملهم يستحق أن نفخر به جميعاً.