بقلم - عائشة سلطان
معلوم أن الخوف شعور فطري في الإنسان وُجد لحمايته في مواجهة المخاطر التي تعترضه، كي يتمكّن من التمتع بحياته، ولذلك يصبح من غير المفهوم أو المنطقي أن يحوّل الإنسان هذا الخوف الذي يحمي حياته ليعيش الحياة بمتعة إلى شبح أو وحش يدمر حياته ويمنعه من التمتع بها. هل يفعل الإنسان ذلك؟ نعم، يفعل ذلك دون أن ينتبه أحياناً، وأحياناً يفعله بسابق تصميم وترصّد تحت مبررات الحذر، وأخذ الحيطة والحفاظ على الصحة و... غير ذلك!
في مقابلة أجراها التلفزيون البرازيلي مع الروائي إدواردو غاليانو عام 2009، قال: «إن الخوف هو أحد أكثر المشاعر السلبية التي تهدد الحياة، حين تخاف أو يخوِّفونك من كل شيء يحيط بك، يقولون لك: إذا تحدثت كثيراً ستخسر وظيفتك، إذا أكلت ستقضي عليك السمنة، إذا فكرت كثيراً ستُصاب بالقلق، إذا استعملت مشاعرك أكثر مما ينبغي ستقع فريسة الاكتئاب، إذا عوَّلت كثيراً على إنسانيتك ستشعر بالوحدة و....».
هناك سيدات يخشين الوصول إلى نقطة يقرِّرن فيها الانفصال عن أزواجهن، معتبرين احتمال «كوارث وتجاوزات الأزواج» واقعاً آمناً بكل الأحوال، مقابل قرار الانفصال الذي سيُلقي بهن إلى واقع مجهول ومخيف بطبيعة الحال.
كما أن كثيراً مما يضخ في رؤوسنا مما يُسمى النصائح والتحذيرات الطبية والنفسية، يُطرح بشكل مبالغ في خطورته وضخامته، لكن كما يقول «غاليانو»، فإن كثيراً من الأمور المضخَّمة زائفة في معظم الأحيان.
لذلك يختل توازن علاقتنا بالحياة وبما حولنا لكثرة ما نخاف، والبعض يتحولون إلى زبائن دائمين لأطباء العيادات النفسية أو الصيدليات التي تبيع لهم العقاقير المهدئة دون وصفات مرخصة! لننظر إلى الأطفال كيف يتعاملون مع الحيوانات ومع الطبيعة ومع الناس، بلا خوف وبلا حذر، وبلا توجُّس وانطباعات وأحكام مسبقة، لكننا متى تدخلنا في توجيههم وتخويفهم، حولناهم إلى كائنات مملوءة بالخوف وسوء النوايا!